للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: رسول الله، فرفعت إليه امرأة صبيًا، فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم، ولكِ أجر (١).

فإذا ثبت أن حجه صحيح، وشرعي ترتب على ذلك الثواب عليها ما لم يقع مانع شرعي من ذلك، وكون العبادة تقع ندبًا من الصبي المميز، لا يعني ذلك أنه مخاطب بالندب.

قلت: هذا مشكِل في الحقيقة، وقد استشكله العطار في حاشيته على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع: «قولنا معاشر الشافعية: إن صلاة الصبي مندوبة مشكِل؛ لأن الندب من قبيل خطاب التكليف، ولا يتعلق به، فلا يصح أن يقال معنى مندوبة مطلوبة على وجه الندب، ولا أنها مطلوبة من الولي كذلك؛ لأن خطاب الولي بأن يأمر الصبي بذلك على وجه الوجوب، وقد يجاب بأن معنى ندبها أن لها حكم المندوب من حيث إثابة فاعله، وعدم إثمه بالترك، ولا يخفى قوة الإشكال» (٢).

فالقول بأن أعمال الصبي تقع ندبًا، وليست مندوبة في حقه هذا مشكِل عندي، فإما أن نقول: إن الندب والكراهة ليستا من أحكام التكليف، وإما أن نقول: إن الصبي مكلف بالمندوبات والمكروهات، ولا سبيل إلى غير ذلك.

القول الثاني:

أن الصبي المميز مخاطب بجميع الأحكام التكليفية، وهو رواية مرجوحة في مذهب أحمد (٣).

جاء في المسودة: «حُكِيَ عن أحمد أنه قال: الصبى المميز مكلف، وادعى فيه الإجماع، قال: وقطع القاضي بأنه غير مكلف، وادعى فيه الإجماع» (٤).


(١) صحيح مسلم (١٣٣٦).
(٢) حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (١/ ٧٣).
(٣) الإحكام للآمدي (١/ ١٥١)، القواعد والفوائد الأصولية للبعلي (ص: ٣٤)، المسودة (ص: ٤٥٦).
(٤) المسودة (ص: ٤٥٦)، وقال ابن اللحام في القواعد والفوائد الأصولية (ص: ٣٤): «وأما الصبي المميز فالجمهور على أنه ليس بمكلف، وحكي عن أحمد رواية بتكليفه؛ لفهمه الخطاب، ذكرها في الروضة، وعنه يكلف المراهق، واختار ذلك ابن عقيل في مناظراته».

<<  <  ج: ص:  >  >>