للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

* ونوقش:

بأن رفع القلم لا يدل على أنه لا يثاب، فالثواب أعم من التكليف، فقد يثاب العبد على أمر لم يؤمر بفعله، بل قد يثاب على فعل غيره.

والشرع لم يأمر الصبي بالحج، ولا أمر وليه بأن يحج به، وأثبت له الثواب، بحديث: (ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر).

الدليل الثاني:

أن الثواب يتبع الأمر، ولا أمر يتعلق بالصبي، بل المأمور والده، فالولي مأمور من جهة الشرع، فيؤجر دون الصبي، فإنه مأمور من جهة الولي من أجل تدريبه، فلا يكون مكلفًا بالمندوبات ولا بالمكروهات، ولا ثواب له، ولا عقاب عليه.

الدليل الثالث:

ولأن الأمر بالأمر بالشيء لو كان أمرًا بالشيء لزم منه وجوب الصلاة على الصبيان، وهذا لا يصح لقيام المانع، وهو امتناع الوجوب في حق الصبي.

* ونوقش هذا:

لا يلزم من الأمر بالأمر بالشيء إذا جعل أمرًا بذلك الشيء أن يكون واجبًا، فقد يصرف من الوجوب لعلة صارفة، وهو أن عدم البلوغ مانع من الوجوب.

وقيل: يثاب عليها، وإن لم يكن مكلفًا بالندب والكراهة، وهذا هو قول الأكثر.

قال النووي: «مذهب مالك، والشافعي، وأحمد، والعلماء كافة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم أنه يصح حج الصبي، ويثاب عليه، ويترتب عليه أحكام حج البالغ، إلا أنه لا يجزيه عن فرض الإسلام فإذا بلغ بعد ذلك واستطاع لزمه فرض الإسلام» (١).

* وجه القول بأنه يثاب عليها، ولا يخاطب بالندب والكراهة:

أن الثواب فرع الصحة، وترتبه كترتب الحكم على السبب.

(ح-٣٦٤) لما رواه مسلم من طريق إبراهيم بن عقبة، عن كريب، مولى ابن عباس،

عن ابن عباس، عن النبي -لقي ركبًا بالروحاء، فقال: من القوم؟ قالوا:


(١) شرح النووي على صحيح مسلم (٨/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>