للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أو يغمى عليه وقت الأولى كله فيصليها مع الثانية جميعًا.

الحال الثانية: أن يخاف من حمى نافضة شديدة في وقت الثانية، فله التقديم إلى وقت الأولى (١).

فواضح أن الجمع للمريض ليس من باب الحاجات عند المالكية؛ لأنهم خصوه بالمرض الذي يخاف منه تضييع الصلاة بالإغماء حتى يستغرق وقت الثانية.

دليل من قال: لا يجوز الجمع للمرض:

الأصل عدم الجمع إلا بدليل، وقد جاءت الأحاديث بتحديد المواقيت للظهر والعصر والمغرب والعشاء، فلا تصلى الصلاة قبل وقتها، ولا تؤخر عنه إلا بدليل صحيح.

يقول الإمام الشافعي: «لم يعلم أن رسول الله جمع» (٢)، يعني للمرض.

وقد مرض حين سقط من فرسه حتى صلى جالسًا، كما في حديث أنس وعائشة في الصحيحين.

ومرض النبي أيامًا قبل وفاته حتى كان يغمى عليه.

وكان النبي يوعك كما يوعك الرجلان من أصحابه، تعظيمًا لأجره ورفعة لدرجاته، ولم ينقل في حياته كلها أنه جمع من أجل المرض.

ومرض أبو بكر مرض الموت، ولم ينقل عنه أنه جمع للمرض.

وهؤلاء الصحابة كانوا أهل جهاد، يصيبهم القرح، ويعتريهم المرض كغيرهم، ولم ينقل عن أحد منهم أنه جمع للمرض.

وإذا ترك النبي وأصحابه الجمع للمرض لم يكن لغيرهم أن يدخله في أسباب الجمع من باب القياس، فلو كان من أسباب الجمع لفعله النبي أو لفعله أصحابه قبل غيرهم، وما تركه النبي وتركه أصحابه مع وجود المقتضي فليس من شريعته.


(١) المدونة (١/ ٢٠٤)، التهذيب في اختصار المدونة (١/ ٢٨٦)، عيون المسائل (ص: ١٤٦)، الجامع لمسائل المدونة (٢/ ٧٠٩)، شرح البخاري لابن بطال (٢/ ١٧١)، الاستذكار (٢/ ٢١٤)، اختلاف أقوال مالك وأصحابه (ص: ٩٣)، التمهيد، ت: بشار (٨/ ٦٢).
(٢) الأم (١/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>