للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قوم سفر) فهل كان قصر عمر في باقي المشاعر لعلة غير السفر؟

فمن ادعى أن قصر عمر في عرفة أو في مزدلفة، أو في منى للنسك، وأنه يختلف عن قصره في مكة فعليه الدليل.

وإذا كان عمر ينهى أهل مكة من القصر؛ لأنهم غير مسافرين، فسوف ينهى عمر العرفي عن القصر في عرفة للعلة نفسها، وكذلك المنوي في منى قياسًا على المكي في موضع إقامته، فالجميع غير مسافر

وقد قاس حفيده سالم الجمع في السفر على الجمع في عرفة، فالقصر والجمع في عرفة ومزدلفة سببهما السفر.

الوجه الثالث:

القول بأن الجمع لرفع الحرج، فإذا احتاجوا إلى الجمع جمعوا، قد سبق الجواب عن هذا القول وأن قول ابن عباس: (أراد ألا يحرج أمته)؛ هذا الحرف من فهم ابن عباس، أراد به ابن عباس جواز الجمع بلا سبب نفيًا للإثم.

فلم يثبت في حديث مرفوع أن النبي جمع في المدينة في غير هذا الحديث، ولو كان الناس كل ما احتاجوا جمعوا، لتكرر وقوع الجمع في الحضر في عصر التشريع، فالناس لا يعدمون من الوقوع في حاجة عامة من برد، وريح، ومطر ووحل، أو من التعرض لحاجة خاصة من شغل كالحصاد والجذاذ، والنعاس، والمرض، وغيرها، والثابت عن النبي في دفع أذى المطر قوله: (صلوا في رحالكم)، وهذا لا يختلف عليه الأئمة الأربعة.

ولم يثبت أيضًا أن النبي جمع للمطر في المدينة، وهو حاجة تتكرر سنويًا أكثر من مرة، وقد تحقق وقوعه في العصر النبوي حتى تهدمت البيوت وانقطعت السبل وهلكت المواشي ولم ينقل الجمع، أيكون الجمع جائزًا عند كل حرج، ثم لا ينقل ذلك في الحضر مرفوعًا إلا ما نقله ابن عباس، وهو حكى فعله مرة واحدة، ولم ينقل لنا سببه؟ ولم ينف ابن عباس إلا الخوف والسفر، وكلاهما من أسباب الجمع في غير الحضر.

وقد مرض النبي مرات كثيرة حتى صلى جالسًا، ومرض أيامًا قبل وفاته، ولم ينقل أنه جمع قط من أجل المرض، ومن قال بجمع المطر قاسه على مشقة

<<  <  ج: ص:  >  >>