للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عن الحسن ومحمد، قالا: ما نعلم من السنة الجمع بين الصلاتين في حضر، ولا سفر، إلا بين الظهر والعصر بعرفة، وبين المغرب والعشاء بجمع.

[صحيح] (١).

وتأمل أنهما نسبا هذا القول إلى السنة، وأخالفهما في السفر؛ لظهور السنة، وأما قولهم في الحضر فصحيح غير مدفوع، لم يثبت الجمع في السنة للمطر إلا عن بعض أهل المدينة.

وقال ابن المنذر: «وكرهت طائفة الجمع بين الصلاتين إلا عشية عرفة وليلة جمع، هذا قول الحسن البصري ومحمد بن سيرين» (٢).

فهذه بلاد المسلمين لا يعرف عنهم القول بالجمع في المطر في الزمن الأول.

أيكون فعل ابن عمر وبعض التابعين خلف الأمراء من الإجماع المتواتر؟

الدليل الثالث:

ثبت أن النبي جمع في عرفة ومزدلفة، وأن جمعه لم يكن لعلة السفر، ولا الخوف، ولا المطر، ولا لخصوص النسك، فكذلك جمعه الذي رواه ابن عباس في المدينة، وإنما كان الجمع في الموضعين لرفع الحرج عن أمته، فإذا احتاجوا إلى الجمع جمعوا.

يقول ابن تيمية: «النبي كان يجمع بالمدينة لغير خوف، ولا مطر، بل للحاجة تعرض له كما قال: (أراد أن لا يحرج أمته). ومعلوم أن جَمْع النبي بعرفة ومزدلفة لم يكن لخوف، ولا مطر، ولا لسفر أيضًا؛ فإنه لو كان جمعه للسفر لجمع في الطريق، ولجمع بمكة كما كان يقصر بها، ولجمع لمَّا خرج من مكة إلى منى، وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ولم يجمع بمنى قبل التعريف، ولا جمع بها بعد التعريف أيام منى، بل يصلي كل صلاة ركعتين غير المغرب، ويصليها في وقتها، ولا جمعه أيضًا كان للنسك؛ فإنه لو كان كذلك لجمع من حين أحرم؛ فإنه من حينئذ صار محرمًا فعلم أن جمعه المتواتر بعرفة ومزدلفة


(١) المصنف (٨٢٥٦).
(٢) الأوسط (٢/ ٤٢٣)، وانظر: الإشراف له (١/ ٤١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>