للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

اليوم الأول، ولم يذكر صلاته في اليوم الثاني، ولعله كان يريد أن يحثه على التبكير، وإن كان التأخير عن أول الوقت جائزًا بالإجماع، وفواته من فوات الفضائل، ومع ذلك ذكَّره عروة، فما بالك بالجمع فهو أخطر؛ لأنه ينطوي على تأخير إحدى الصلاتين عن وقتها، أو تقديمها على وقتها، فكونهم يصلون خلفه، ولا ينكرون ذلك دليل على كونه سائغًا عندهم.

ويجاب على هذا الرد:

قد أشرت أن فعل ابن عمر كان قبل تولي عمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان إمارة المدينة، فإن صدق ذلك على عمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان لم يصدق على أمراء بني أمية وقت ابن عمر .

وكانت سيرة عمر بن عبد العزيز -وقت إمارته على المدينة وقبل توليه الخلافة- سيرة حكام بني أمية في تأخير الصلاة عن وقتها.

(ح-٣٤١٠) فقد روى البخاري ومسلم من طريق عبد الله بن المبارك، عن أبي بكر بن عثمان بن سهل بن حنيف قال:

سمعت أبا أمامة بن سهل يقول: صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر، ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك، فوجدناه يصلي العصر. فقلت: يا عم، ما هذه الصلاة التي صليت؟ قال: العصر، وهذه صلاة رسول الله التي كنا نصلي معه (١).

فقد ترك أنس الصلاة جماعة خلف عمر بن عبد العزيز لتأخيره الصلاة عن الوقت المختار الذي كان يصليها مع النبي ، ولا أظن أن أنسًا سيترك الجماعة قبل النصيحة لولي الأمر.

وعمر بن عبد العزيز كان أميرًا على المدينة في وقت الحجاج، ويعلم المطلع على أحوال أمراء بني أمية كيف كانوا يؤخرن الصلاة، ويعاقبون من ينكر عليهم.

(ث-٨٨١) وقد روى مالك كما في المدونة، عن القاسم بن محمد حين كانت بنو أمية يؤخرون الصلاة أنه كان يصلي في بيته، ثم يأتي المسجد فيصلي


(١) صحيح البخاري (٥٤٩)، وصحيح مسلم (١٩٦ - ٦٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>