للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وهؤلاء أصحابه كانوا أهل جهاد، يصيبهم القرح، ويعتريهم المرض كغيرهم، ولم ينقل عن أحد منهم أنه جمع للمرض، وإذا ترك النبي وأصحابه الجمع للمرض لم يكن لغيرهم أن يدخله في أسباب الجمع من باب القياس، فلو كان من أسباب الجمع لعلمه الصحابة قبل غيرهم.

وبينت فيما سبق أن الجمع في مذهب الإمام أحمد وإن كان أوسع المذاهب إلا أنه يرى أن أسبابه معدودة، ولو كان يأخذ بمذهب ابن عباس لكانت أسباب الجمع مفتوحة غير محدودة، وبينهما فرق كبير جدًّا.

وأما قول الإمام أحمد في الجمع في العشاءين فلم يكن حجته في ذلك حديث ابن عباس؛ لأنه لا يجوز أن يأخذ ببعض الحديث ويدع بعضه، وإنما حجته فعل ابن عمر إذا جمع الأمراء بين العشاءين، وصلى خلفهم.

والإمام أحمد لا يأخذ بالآثار ويدع سنة مرفوعة إلا إذا كان له موقف من الحديث.

والسؤال المشروع: لماذا قدم الإمام أحمد أثرًا موقوفًا على ابن عمر على سنة مرفوعة نقلها ابن عباس؟.

ولماذا قدم أحاديث المواقيت على حديث ابن عباس، ولم يخصصها به؟

الوجه الثاني:

القول: بأنه إذا جمع ليدفع الحرج الحاصل بدون الخوف والمطر والسفر، فالحرج الحاصل بهذه أولى من الجمع لغيرها.

ويناقش هذا بأكثر من جواب:

الجواب الأول:

لم يصح في حديث ابن عباس نفي الثلاثة، وإنما الوارد إما نفي الخوف والسفر، وإما نفي الخوف والمطر، وإن كان تقي الدين يرجح نفي الخوف والمطر، وقد تعرضت للراجح منهما من جهة الصنعة الحديثية في مناقشة سابقة.

والذي أميل إليه أن المحفوظ في الحديث نفي الخوف والسفر، وأن النفي جاء لإثبات أن الجمع كان بلا سبب، وذكرت حجته فيما سبق.

ولا يلزم من الجمع بما دون الخوف والسفر أن يكون الجمع للمطر من باب

<<  <  ج: ص:  >  >>