للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الحاصل بهذه أولى من الجمع لغيرها» (١).

ويقول أيضًا: «فقول ابن عباس جمع من غير كذا ولا كذا، ليس نفيًا منه للجمع بتلك الأسباب، بل إثبات منه أنه جمع بدونها، وإن كان قد جمع بها أيضًا، ولو لم ينقل أنه جمع بها فجمعه بما هو دونها دليل على الجمع بها بطريق الأولى، فيدل ذلك على الجمع للخوف والمطر» (٢).

ويناقش من وجهين:

الوجه الأول:

الإمام أحمد لم يَبْنِ مذهبه في الجمع على حديث ابن عباس، وقد بينت في فقرة سابقة أن الأئمة الأربعة لم يبنوا مذهبهم في الجمع على حديث ابن عباس، فليراجع الكلام دفعًا للتكرار.

ولعل ابن تيمية قصد أن مذهب الإمام أحمد في الجمع لسبب غير المطر، فإن مذهبه في الجمع من أوسع المذاهب كما سبق بيانه لك في موقف سابق من البحث.

وقد بينت في فقرة سابقة أن الجمع في المرض وفي العجز عن الطهارة وفي معرفة الوقت لا يدخل في جمع الحاجة، وإنما لأن التكليف بحسب القدرة، فقد سبق أن ذكرت لك أن الليث بن سعد لا يرى جواز الجمع للمطر، ويفتي بجواز الجمع للمرض.

وقد احتج الإمام أحمد في جمع المرض بقول عطاء، ولو كان يحتج بفعل ابن عباس، أو بحديثه لما احتج بفعل تابعي، وقاس المشقة على المرض على مشقة السفر، ولا يضطر للقياس إلا مع غياب النص.

وقد يكون احتج بالجمع في المرض بما ورد في حديث حمنة في جمع المستحاضة إذا أرادت أن تغتسل لكل صلاة، وهو حديث ضعيف، ومن أصول الإمام أحمد تقديم الحديث الضعيف على الرأي.

وقد مرض النبي مرات عديدة، بما فيه مرض موته ، ولم ينقل حديث واحد أن النبي جمع.


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٤/ ٨٤).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٤/ ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>