وتابع الثوري من هذا الوجه زيد بن أبي أنيسة، إلا أن الإسناد إليه ضعيف. علقه ابن رجب في فتح الباري (٤/ ٢٦١، ٤٦٢)، قال: «وروينا من طريق عبد الحميد بن مهدي البالسي: حدثنا المعافى بن سليمان الجزري: حدثنا محمد بن سلمة: ثنا أبو عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: صليت مع رسول الله ﷺ بالمدينة من غير مطر ولا قر الظهر والعصر جمعا. قلت له: لم فعل ذلك؟ قال ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته .... قال الحافظ: ولكن عبد الحميد هذا، قال فيه الحافظ عبد العزيز النخشبي: عنده مناكير». ولم يقل أحد غيره (ولا قَرٍّ) ولم يختلف هؤلاء أن الجمع كان في الحضر، وأنه صلى ثمانيًا وسبعًا، أي بلا قصر. خالف هؤلاء كلهم: قرة بن خالد، وذلك أن قرة رواه عن أبي الزبير بإسنادين: أحدهما: رواه عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ بن جبل في الجمع في السفر في غزوة تبوك، وسيأتينا تخريجه إن شاء الله في مباحث الجمع في السفر. والثاني: رواه عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في الجمع في الحضر. واختلط ذلك على قرة بن خالد، فحمل رواية أبي الزبير عن ابن عباس على رواية أبي الزبير عن معاذ، وجعل الجمع في السفر، والحمل على قرة بن خالد. رواه أبو داود الطيالسي كما في مسنده (٢٧٥١)، ومن طريقه أبو عوانة في مستخرجه (٢٣٩٤)، ومستخرج أبي نعيم (١٥٨٧)، بلفظ: (جمع رسول الله ﷺ بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء. قلت: ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا تُحْرَجَ أمته). ولم يبين قرة بن خالد من رواية الطيالسي عنه مكان الجمع، أكان في الحضر أم في السفر، فرواية أبي داود الطيالسي مجملة، تحتمل الحضر وتحتمل السفر. ورواه يحيى بن سلام كما في مستخرج أبي عوانة مقرونًا بالطيالسي ولم يسق لفظه (٢٣٦٩). ورواه خالد بن الحارث كما في صحيح مسلم (٥١ - ٧٠٥)، والسنن الكبرى للبيهقي (٣/ ٢٣٧). ويحيى بن سعيد القطان، ومعتمر بن سليمان، كما في المعجم الكبير (١٢/ ٧٥) ح ١٢٥٢٠، ومعاذ بن معاذ، كما في السنن الكبرى للبيهقي (٣/ ٢٣٧): أربعتهم رووه عن قرة بن خالد، عن أبي الزبير به، ونصوا على أن الجمع وقع في السفر، ولفظ الإمام مسلم: (أن رسول الله ﷺ جمع بين الصلاة في سفرة سافرها في غزوة تبوك، فجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. قال سعيد: فقلت لابن عباس: ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته). والوهم من قرة بن خالد، ولا يتحمل ذلك أبو الزبير، وقد رواه عنه أمة من الحفاظ بلفظ: (من غير خوف ولا سفر). ورواه عبد الرحمن بن مهدي وأبو عامر العقدي، عن قرة بن خالد ولم يتبين لي هل روياه بلفظ =