للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

النبي وقال لهما ما شاء الله أن يقول .... (١).

فقوله: (أخر الصلاة، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعًا، ثم دخل، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعًا).

وأضح أن النبي وأصحابه كانوا نازلين؛ لأنهم أدركوا الظهرين والعشاءين في مكان واحد؛ ولأن الدخول والخروج لا يكون إلا من موضع له مدخل ومخرج، والمسافر في الصحراء لا يتصور دخوله وخروجه إلا إذا كانت قد ضربت له خيمة؛ خاصة أن غزوة تبوك كانت في فصل الصيف.

يقول شيخ الإسلام تقي الدين: «ظاهره أنه كان نازلًا في خيمة في السفر» (٢).

وواضح من رواية الإمام مالك في صحيح مسلم، وفي الموطأ قد بينت أن إقامة النبي كانت للراحة قرب تبوك وقبل بلوغه إياها؛ لقوله: (إنكم ستأتون غدًا إن شاء الله عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يضحي النهار)، فواضح أن الإقامة كانت عارضة، وبالقرب من تبوك وقبل الوصول إليها.

فهذه الأحاديث الثلاثة والتي جمع فيها النبي في سفره، وهو نازل كانت مدة إقامته قصيرة، أقل من يوم وليلة، ففي جمعه في عرفة كان المقام نصف النهار، ثم دفع إلى مزدلفة، وفي مزدلفة كان المقام ليلة واحدة، ثم دفع قبل طلوع الشمس، وفي الجمع في الأبطح كان يستعد لطواف الوداع، ثم الرحيل، وفي طريقه إلى تبوك كان الجمع بهدف راحة الجيش، والدواب؛ لأن الطريق طويل، والرواحل لا تتحمل مواصلة السير في الطريق الطويل مع شدة الحر، وحاجتها إلى الرعي، فكأن النبي أعطى حكم الإقامة القصيرة حكم الجمع وهو سائر.

وأما إذا امتدت مدة إقامة النبي يومًا وليلة فأكثر، فكان من هديه ترك الجمع؛ ولذلك لم ينقل عنه الجمع مدة إقامته في مكة عام الفتح، ولم ينقل عنه الجمع مدة إقامته في مكة قبل يوم التروية، ولا مدة إقامته في منى أيام التشريق؛ لأن مدة إقامته


(١) صحيح مسلم (١٠ - ٧٠٦).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٤/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>