للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

جاز التيمم في الحضر أيضًا.

وإذا كان التيمم للمريض المقيم يجوز بالإجماع مع وجود الماء، فجوازه للمقيم عند فقد الماء جائز أيضًا، ولا فرق؛ لأن المرض هو عجز حكمي، وفقد الماء عجز حسي، والعجز الحسي أولى بالمراعاة؛ لأنه يستحيل معه الفعل بخلاف العجز الحكمي، فقد يستعمل الماء إلا أنه قد يلحقه ضرر بذلك.

وقد ثبت عن النبي أنه تيمم لرد السلام في الحضر كما في حديث أبي الجهيم الأنصاري في الصحيحين (١)، مع أن الطهارة لرد السلام ليست شرطًا، بل ولا واجبًا، فكونه يتيمم لفعل الصلاة المفروضة، والقيام بالطهارة التي هي شرط لصحة الصلاة أولى، والتيمم في الحضر هو مذهب المالكية والحنابلة وأحد القولين في مذهب الحنفية، وقد سبق بحث هذه المسألة في كتابي موسوعة أحكام الطهارة فلتراجع منه.

دليل من قال: لا يجوز الجمع إلا في السفر الطويل:

الدليل الأول:

العبادات مبناها على الاتباع، ولم ينقل في السنة الجمع بالسفر القصير مع كثرة السفر القصير، وكونه هو الغالب على حركة الناس.

الدليل الثاني:

قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣].

فقوله: ﴿كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ أي: فرضًا مؤقتًا.

وقد بين النبي مواقيت كل صلاة دخولًا وخروجًا بيانًا عمليًا فصلى الصلوات الخمس في أول وقتها في اليوم الأول ثم صلى الصلوات نفسها في آخر وقتها في اليوم


(١) فقد روى البخاري (٣٣٧) من طريق الأعرج، قال: سمعت عميرًا مولى ابن عباس قال: أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي حتى دخلنا على أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري، فقال أبو الجهيم الأنصاري: أقبل النبي من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام. وأخرجه مسلم (٣٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>