للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

التالي، ثم قال: (الصلاة ما بين هذين)، كما في حديث بريدة وأبي موسى في صحيح مسلم (١).

فلا تصح الصلاة قبل وقتها، ولا يحل تأخيرها عن وقتها بلا عذر.

و الجمع إخراج عبادة عن وقتها المعتاد، إما تقديمًا لإحدى الصلاتين عن وقتها، وإما تأخيرًا لها عن وقتها، ولم نجد في السنة أن مثل ذلك قد استبيح في السفر القصير، إلا ما كان من أهل مكة في عرفة ومزدلفة، وقد علمت توجيه ذلك، وإنما الثابت الجمع لعلة السفر الطويل كالفطر والقصر، والعبادات مبناها على التوقيف، فلا يجوز الجمع في صورة لم ترد في السنة.

ولأن الجمع رخصة جُعلت عونًا على السفر، فهي كالقصر، فلما لم يستبح القصر في السفر القصير، فكذلك الجمع لا يستباح لعلة السفر القصير منه، والله أعلم.

الراجح:

إذا كانت علة الجمع السفر، فهو يشترط فيها السفر الشرعي، وليس مطلق السفر، فلا يصح الجمع في السفر القصير.

وأرى أن علة الجمع في عرفة ومزدلفة إن كان مسافرًا فقد اجتمع في حقه علتان للجمع: السفر والحاجة العامة.

وإن كان مقيمًا فإن قلنا: لا يجمع كما أنه لا يقصر؛ لأن علة الجمع والقصر واحدة فهذا ظاهر، وهو الأقرب.

وإن قلنا: له أن يجمع مع أهل الموقف فإنما جاز دخوله تبعًا لأهل الموقف، فلو قلنا بالجمع للمطر، وجمع أهل المسجد، وصلى معهم رجل معتكف جمع معهم تبعًا.

ولا أرى الجمع في منى ولا في غيرها من المشاعر إلا أن يكون مسافرًا سفرًا طويلًا؛ فإن السفر يباح فيه الجمع مطلقًا، ويسن مع الحاجة، والأفضل ترك الجمع اقتداء بالنبي ، وقد جمع النبي بالأبطح كما هو ظاهر حديث أبي جحيفة، وكانت قد ضربت له القبة، والله أعلم.


(١) انظر حديث بريدة في صحيح مسلم (١٧٧ - ٦١٣)، وحديث أبي موسى في مسلم (١٧٨ - ٦١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>