للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في السنة أن هذه الأسباب تبيح التخلف عن الجماعة، فلو كان الجمع مشروعًا للحاجة لحفظ الجمع لهذه الأسباب، ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [مريم: ٦٤].

الجواب الثالث:

لا يصح قياس الجمع على قياس التطوع على الدابة، فالتطوع على الدابة خاص بالنفل، وليس بالفرض، والنفل مبني على التخفيف، ولهذا جاز للمتنفل أن يصلي قاعدًا بلا عذر، مع أن القيام من آكد أركان الصلاة.

والجمع يتعلق بالفرض تقديمًا أو تأخيرًا لإحدى الصلاتين عن وقتها، والذي هو من آكد شروط الصلاة، فيحتاط للفرض، فلا يجمع إلا بالسفر الطويل.

ولأن الحكمة الشرعية في جواز النفل في السفر القصير: هو تيسير تحصيل النوافل على العبد حتى لا ينقطع عن قضاء حوائجه بسبب المحافظة على أوراده وطاعاته، أو يحمله ذلك إلى قطع النوافل أوتقليلها، وهذا لا فرق فيه بين السفر الطويل والقصير، والله أعلم.

الدليل الثالث:

القياس على التيمم، فالله أجاز التيمم في كتابه للمريض والمسافر، بقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ .. ﴾. إلى قوله تعالى ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا لِلَّهِ [المائدة: ٦].

فأباح الله التيمم بشرطين: المرض والسفر، فإذا جاز التيمم في قصير السفر وطويله جاز الجمع في قصير السفر وطويله.

ونوقش هذا:

بأن العلة في مشروعية التيمم هو فقد الماء نص عليه في آية التيمم، قال تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [المائدة: ٦]، وذكر السفر في الآية لكونه مظنة عدم الماء، فإن فقد الماء في الحضر نادر وقليل، والوصف إذا خرج مخرج الغالب لا مفهوم له، ولا يفيد تقييدًا، كالرهن ذكر فيه السفر على سبيل الشرط، قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، ومفهوم الشرط أقوى من غيره، ومع ذلك ليس السفر شرطًا في جواز الرهن، فإذا جاز الرهن في الحضر،

<<  <  ج: ص:  >  >>