للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فيهما من جنس الجمع والقصر في غيرهما، فمن افترض الاختلاف فعليه الدليل السالم من النزاع؛ لأن الأصل عدم إخراج الشيء عن شبيهه.

الدليل الثاني على جواز الجمع في السفر القصير:

قالوا: كل رخصة جازت بالصلاة في الحضر لعذر، فإن ذلك يقتضي جوازها في قصير السفر وطويله، قياسًا على التطوع على الدابة.

فالجمع أخف من القصر، فالحاجة تبيحه، وإذا عُلِّلَ الحكم بالحاجة مع علم الشارع أن الحاجة ليست منضبطة دل ذلك على إرادة التوسعة والتخفيف على الناس.

والسفر القصير مظنة الحاجة؛ لعلة التردد ذهابًا وإيابًا، فإذا نزل ليصلي إحدى الصلاتين جمع معها الأخرى دفعًا لمشقة النزول مرة أخرى، وهذا المعنى لا يختلف فيه بين السفر الطويل والقصير، فكما تمس الحاجة إلى فعل ذلك في الأسفار الطويلة تمس إلى فعلها في الأسفار القصيرة، بل السفر القصير هو الأغلب في أفعال الناس وحركاتهم، ولأن الجمع ليس سنة ملازمة لسببه، وإنما تفعل أحيانًا مع قيام الحاجة فخُفِف فيه، بخلاف القصر لما كان سنة ملازمة لسببه منع منه في الحضر، واشترط لجوازه: أن يكون السفر مبيحًا للفطر، والله أعلم.

وأجيب بجوابين:

الجواب الأول:

القول بأن كل رخصة جازت في الحضر بالعذر فإنها تجوز في السفر القصير، هذا القول دعوى في محل النزاع، فأين الدليل على هذه الكلية؟ هذا من جهة.

وإذا كان السفر القصير هو الغالب على حركات الناس فلماذا لم ينقل الجمع فيها من جهة السنة العملية، فإذا لم ينقل فالأصل عدم المشروعية إلا ما قيل عن جمع مزدلفة وعرفة، وقد علمت توجيه الجمع والقصر فيهما.

الجواب الثاني:

لا نسلم أن الحاجة تبيح الجمع، فلا تجد أثرًا واحدًا يدل على جواز الجمع للمرض أو الخوف أو الوحل أو الريح الباردة، وكلها من الحاجات العامة الشديدة المتكررة، والجمع بسببها أولى من الجمع من مطلق الحاجة الخاصة، وإنما المحفوظ

<<  <  ج: ص:  >  >>