للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والجديد أنه لا يجمع أيضًا.

ولم يختلف قول أحمد أن المكي لا يقصر في عرفة ومزدلفة، وفي الجمع روايتان، والمشهور من مذهبه لا يجمع.

وقال المالكية: يقصر المكي بشرط أن يكون مسافرًا، ولو سفرًا قصيرًا، ويجمع الجميع في عرفة ومزدلفة (١).

وقيد داود القصر بسفر القربة، فقال: إن سافر في حج، أو عمرة، أو غزو قصر الصلاة في قصير السفر وطويله (٢).

فتبين أن من يقول: إن العلة النسك إنما قال به الحنفية، وهو وجه عند الشافعية.

وأما القصر فلم أقف على أحد علل القصر في عرفة ومزدلفة ومنى بالنسك وحده، ومن قال منهم: علة القصر النسك فهم جعلوا العلة مركبة من النسك والسفر، ولو كان قصيرًا، كالمالكية.

والذي يجعل النسك ليس هو علة الجمع والقصر أمران.

الأمر الأول:

أن القصر سنة ملازمة لسببه، فالقصر ملازم للسفر، فلو كان القصر سببه


(١) وقد نقلت لكم نصوص المالكية في التفريق بين الجمع والقصر، فهم يرون أن الجمع لجميع أهل الموقف، وأما القصر فلا يقصر أهل ذلك الموضع فيها، ويقصر في غيرها.
جاء في تهذيب المدونة (١/ ٣٣٣): «ويتم أهل منى بمنى، وأهل عرفة بعرفة، وكل من لم يكن من أهلها فليقصر الصلاة بها». والنص قريب منه في المدونة (١/ ٢٤٩)، وفي موطأ مالك رواية يحيى (١/ ٤٠٢).
ويقول خليل في التوضيح (٣/ ٩): «وضابطه: أن أهل كل مكان يتمون به، ويقصرون فيما سواها، فيتم أهل عرفة بعرفة، ويقصرون بمنى ومزدلفة. ويتم أهل مزدلفة بها، ويقصرون في عرفة ومنى. ويتم أهل منى بها ويقصرون في عرفة ومزدلفة».
ويقول في أوجز المسالك (٨/ ٢٣٢): «الصواب عندي أن القصر عند الإمام مالك للنسك بشرط السفر، لكن لا للسفر الشرعي، بل لمطلق السفر، ولأجل ذلك يتم عنده أهل منى ومزدلفة وعرفة في مواضعهم، ويقصرون في غير مواضعهم، كما تقدم النص بذلك عن الدردير وغيره». اه وهذا بين فلو كانت العلة النسك لم يفرق بينه وبين الجمع، فالجمع للجميع والقصر يشترط أن يكون في غير موضع إقامته وإلا أتم.
(٢) الاستذكار (٢/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>