للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

صلى عمر بن الخطاب ركعتين بمنى، ولم يبلغنا أنه قال لهم شيئًا (١).

ويجاب بأكثر من جواب:

الجواب الأول:

من أين لكم أن النبي ترك أهل عرفة يقصرون الصلاة خلفه؟ ولم يثبت أن النبي أمرهم بالقصر خلفه لا في حديث صحيح، ولا ضعيف.

قالوا: لو أمرهم بالإتمام لنقل؛ لتوافر الدواعي على نقله.

قيل: قد صلى النبي الظهر والعصر قصرًا وجمعًا بالأبطح وذلك بعد نفوره من منى، وقبل طواف الوداع، وقد صلى الناس خلفه، وفيهم المكي وغير المكي، وهذا الجمع والقصر بعد فراغ المكي من نسكه؛ لأنه لا وداع عليهم (٢).

ولم ينقل أن النبي أمر أهل مكة بالإتمام ولا نهاهم عن الجمع، فهل تقولون: يجوز للمكي أن يقصر الصلاة في مكة بعد فراغه من النسك؟

وأقام النبي في مكة عام الفتح تسعة عشر يومًا يقصر الصلاة، وأهل مكة يصلون خلفه، وهم حديثو عهد بكفر، ولم يصح أن النبي أمرهم بالإتمام.

وكذلك صلى النبي أربعة أيام في مكة عام حجة الوداع قبل خروجه لمنى، ولم يصح في السنة أن النبي أمر أهل مكة بالإتمام. وما ورد في ذلك فمداره على ابن


(١) الموطأ، رواية يحيى، ت: عبد الباقي (١/ ٤٠٢).
(٢) روى البخاري (٣٥٦٦)، ومسلم (٢٥١ - ٥٠٣)، واللفظ للأول من طريق مالك بن مغول، قال: سمعت عون بن أبي جحيفة، ذكر عن أبيه قال: دفعت إلى النبي ، وهو بالأبطح في قبة كان بالهاجرة خرج بلال، فنادى بالصلاة، ثم دخل فأخرج فضل وضوء رسول الله فوقع الناس عليه يأخذون منه ثم دخل، فأخرج العنزة، وخرج رسول الله كأني أنظر إلى وبيص ساقيه، فركز العنزة، ثم صلى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، يمر بين يديه الحمار والمرأة.
ورواه البخاري (٤٩٩)، ومسلم (٢٥٢ - ٥٠٣)، من طريق شعبة قال: حدثنا عون بن أبي جحيفة، قال: سمعت أبي قال: خرج علينا رسول الله بالهاجرة، فأتي بوضوء فتوضأ، فصلى بنا الظهر والعصر، وبين يديه عنزة، والمرأة والحمار يمرون من ورائها. وهذا لفظ البخاري.
فقوله: (خرج بالهاجرة .. فتوضأ، فصلى الظهر والعصر … ). الفاء تفيد الترتيب والتعقيب، فكما أن الخروج واحد، والوضوء واحد، والنداء واحد، ورتب على ذلك الصلاتين، فظاهر الحديث أنه جمع بينهما، ولم يذكر خروجًا ولا وضوءًا ولا نداء خاصًّا للعصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>