للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

جدعان، وهو ضعيف (١).

فإن قلتم: لعل النبي لم يأمرهم؛ لأنه سبق أن بيَّن هذا الحكم لهم، واكتفى به. أو أن النبي أمرهم ولم ينقل.

قيل: ما كان جوابًا لكم كان جوابًا عن الصلاة خلفه في عرفة ومزدلفة، فلعله لم يأمرهم بالإتمام يوم عرفة اكتفاء بأمر سابق، أو أنه أمرهم ولم ينقل.

وهذا من أوضح الأدلة على أن عدم النقل ليس حجة، فلا يعد نقلًا للعدم، ولم يأت عن الشارع فرق بين جمعه وقصره بعرفة ومزدلفة قبل فراغه من النسك، وبين جمعه وقصره بالأبطح بعد الفراغ من النسك، وقبل طواف الوداع، والأصل أن السبب واحد فيهما، وفي كلها قد صلى خلفه من لا يشرع له القصر والجمع.

وإذا كان الأئمة الأربعة متفقين أن العرفي لا يقصر في عرفة، فالأصل أنه يتم، حتى يثبت أن أهل عرفة قد قصروا خلفه نقلًا بالسند الصحيح، أو يثبت أن النبي أمرهم بالقصر، وكلاهما لا يمكن إثباته، والأصل أن يطبق على القصر مقتضيه، وهو السفر الطويل.

الجواب الثاني:

أن عمر حين قصر في مكة، علل قصره بالسفر، فقال: (أتموا فإنا قوم سفر) فهل كان قصر عمر في باقي المشاعر لعلة غير السفر؟ فمن ادعى أن قصر عمر في عرفة أو في مزدلفة، أو في منى للنسك، وأنه يختلف عن قصره في مكة فعليه الدليل.

وإذا كان عمر ينهى أهل مكة من القصر؛ لأنهم غير مسافرين، فسوف ينهى عمر العرفي عن القصر في عرفة للعلة نفسها، وكذلك المنوي في منى قياسًا على المكي في موضع إقامته، فالجميع غير مسافر.

(ث-٨٥٧) وقد روى عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء، قال:

سألت ابن عباس، فقلت: أقصر الصلاة إلى عرفة، أو إلى منى؟ قال: لا، ولكن إلى الطائف وإلى جدة، ولا تقصر الصلاة إلا في اليوم، ولا تقصر فيما دون اليوم،


(١) انظر تخريجه في المجلد الثامن عشر، عند الكلام على مسألة: إذا أقام المسافر لقضاء حاجة لا يدري متى تنقضي.

<<  <  ج: ص:  >  >>