للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقيل: يجمع المكي، والعلة السفر. ولو كان قصيرًا، وهو القول القديم من قولي الشافعي، واختيار ابن تيمية (١).

ومقتضاه: لا يشرع الجمع لمن كان من أهل عرفة في عرفة، ولا يشرع الجمع لمن كان من أهل مزدلفة في مزدلفة.

فتبين أن الاحتجاج بجمع المكي في عرفة لا يصح مع اختلاف العلماء في مشروعية الجمع، فمنهم من منع الجمع مطلقًا للمكي، كالشافعي في الجديد، والحنابلة على الصحيح من المذهب ومن قال منهم قال بالجمع على اختلاف بينهم في العلة، فمنهم من علل بالنسك كالحنفية، ومنهم من علل بالمشقة كالحنابلة، ومنهم من علل بالمشقة والسفر


(١) جاء في نهاية المطلب (٤/ ٣١٤): «اختلف أصحابنا على طريقين في المكي:
فقطع بعضهم بأنه يجمع، وإن قَصُر سفره؛ لمكان النسك. وهؤلاء يرون الجمع من آثار النسك.
ومن أصحابنا من خرّج جمع المكي على القولين في جمع المسافر سفرًا قصيرًا».
وقال النووي في المجموع (٨/ ٨٧): من كان سفره طويلًا جمع، ومن كان قصيرًا كالمكي وغيره ممن هو دون مرحلتين، ففي جواز الجمع له القولان المشهوران في الجمع في السفر القصير:
الأصح الجديد: لا يجوز.
والقديم: جوازه، وبهذا الوجه قطع الشيخ أبو حامد، والقاضي أبو الطيب، وابن الصباغ وآخرون».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٢/ ٨٩): «إما أن يقال: إن الجمع معلق بالسفر مطلقًا قصيره وطويله: إما مطلقًا وإما لأجل المسير، وإما أن يقال: الجمع بمزدلفة لأجل النسك، كما يقوله من يقوله من أصحابنا وغيرهم. والأول أصوب عندي وأقيسه بأصول أحمد ونصوصه؛ فإنه قد نصَّ على الجمع في الحضر لشغل فإذا جد به السير في السفر القصير فهو أولى؛ ولأن الأحكام المعلقة بالسفر تختص بالسفر (الصواب: تختص بالطويل) كالقصر والفطر والمسح. وأما المتعلقة بالطويل والقصير، كالصلاة على الدابة، والمتيمم، وكأكل الميتة فهذه جاءت للحاجة».
ويلزم من اختيار ابن تيمية في هذه الرواية ألا يجمع العرفي في عرفة، والمزدلفي في مزدلفة؛ لأنهم مقيمون فيها، فتأمل.
وانظر: منهاج الطالبين (ص: ٤٥)، روضة الطالبين (١/ ٣٩٦)، تحفة المحتاج (٢/ ٣٩٤) و (٤/ ١٠٦)، مغني المحتاج (١/ ٥٣٠)، نهاية المحتاج (٢/ ٢٧٣)، مختصر الخرقي (ص: ٥٩)، شرح الزركشي على الخرقي (٣/ ٢٣٥)، مجموع الفتاوى (٢٠/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>