للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= سبق؛ لأن المالكية يجيزون الجمع في السفر القصير مطلقًا للحاج وغيره، ولا مانع من تعليل الحكم بأكثر من علة، ولا يبيحون القصر في السفر القصير إلا في النسك خاصة.
جاء في موطأ مالك: «قال مالك: يصلي أهل مكة بعرفة ومنى، ما أقاموا بهما، ركعتين ركعتين. يقصرون الصلاة حتى يرجعوا إلى مكة … وإن كان أحد ساكنًا بمنى مقيمًا بها، فإن ذلك يتم الصلاة بمنى. وإن كان أحد ساكنًا بعرفة مقيمًا بها، فإن ذلك يتم الصلاة بها أيضًا».
وقال في الشامل (١/ ٢٢٣): «يصلي مع الإمام بعد الخطبة الظهرين جمعًا وقصرًا، ويتم أهلها كمزدلفة ومنى».
وقال في جواهر الدرر (٣/ ٢٩٩): وندب جمع بين مغرب وعشاء أول وقت الثانية، وقصر للثانية فقط لكل من نزل بالمزدلفة إلا أهلها فيتمون بها).
وقال في شرح الزرقاني على خليل (٢/ ٤٩١): «فيتم أهلها مع الجمع في عرفة».
فأذن في الجمع في عرفة ومزدلفة للجميع، وخص القصر لغير أهلها.
ولو كانت العلة النسك لم يفرق بين الجمع والقصر.
وجاء في جواهر الدرر (٢/ ٤٤٢): «شرع الجمع بعرفة للمشقة».
وجاء في شرح التلقين (٢/ ٨٣٠): «جمع الحجيج معلل في عرفة بمشقة الشغل الملهي عن الصلاة؛ لأنهم في حط رحالٍ، وإقبال على دعوات وابتهال، فصار ذلك عذرًا أباح الجمع … وأيضًا الجمع بالمزدلفة لمشقة الاشتغال بالإفاضة إلى غير ذلك من المشاق المذكورة في هذا. فصار ذلك عذرًا أيضًا أباح الجمع».
فخلاصة مذهب المالكية أن العرفي يجمع في عرفة لعلة واحدة وهي المشقة، والمكي يجمع في عرفة لعلتين: المشقة والسفر القصير. وليس منهما التعليل بالنسك، هذا ما يخص المذهب المالكي.
وأما رواية أحمد، فجاء في الفروع (٣/ ١١٥): «الأشهر عن أحمد الجمع فقط، واختاره الشيخ». يقصد ابن قدامة.
وقال المرداوي في الإنصاف (٢/ ٣٢٠): «واختار المصنف جواز الجمع فقط». يقصد بالمصنف ابن قدامة.
وعلل ابن مفلح رواية أحمد للتفريق بين الجمع والقصر، فقال في المبدع (٢/ ١٣١): «لامتناع القصر للمكي». اه لاختصاص القصر في السفر الطويل.
وقال ابن قدامة في المغني (٣/ ٣٦٦): «ويجوز الجمع لكل من بعرفة، من مكي وغيره … ولم يبلغنا عن أحد من المتقدمين خلاف في الجمع بعرفة ومزدلفة، بل وافق عليه من لا يرى الجمع في غيره، والحق فيما أجمعوا عليه، فلا يعرج على غيره .... فأما قصر الصلاة، فلا يجوز لأهل مكة». اه فمنع المكي من القصر؛ لانتفاء السفر، وأذن للجميع في الجمع وفيهم العرفي، فتبين أن علة الجمع الحاجة والمشقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>