للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الجمعة عندهما. وقال محمد: إن أدرك معه أكثر الركعة الثانية بنى عليها الجمعة، وإن أدرك أقلها بنى عليها الظهر» (١).

وجاء في الجوهرة النيرة على مختصر القدوري: «وتصح -يعني: الجمعة- في وقت الظهر، ولا تصح بعده، حتى لو خرج الوقت وهو فيها استقبل الظهر، ولا يبني الظهر على الجمعة؛ لأنهما مختلفان. وعند مالك يبني» (٢).

وحجة الحنفية بعدم بناء الظهر على الجمعة: أن الجمعة تحتاج إلى شرائط لا يفتقر الظهر إليها، وهي المكان، والإمام، والعدد، والوقت، والخطبة، وإذا اختلفت شرائطهما دل على أنهما فرضان مختلفان، فلم يجز بناء أحدهما على الآخر.

والحنفية يرون أن الظهر هو الأصل، والجمعة بدل منها.

فهذه أربعة أقوال في المسألة، والله أعلم.

وسوف تأتينا هذه المسألة بحول الله وقوته في أحكام صلاة الجمعة، بلغنا الله ذلك بمنه وكرمه، وإذا تخلف هذا الدليل للاحتجاج به على مسألتنا يغني عنه الأدلة السابقة.

دليل من قال: لا تجمع الجمعة مع العصر:

الدليل الأول:

الأصل في العبادات المنع إلا بدليل، ولا دليل على صحة الجمع بين الجمعة والظهر.

ويجاب:

بأن هذا دليل صحيح، وهو يسري على الجمع في الحضر من مرض، ووحل، وريح شديدة، وخوف، بل وعلى الجمع في المطر، فكلها في الحضر لا يوجد في الجمع فيها حديث مرفوع صحيح، وإذا كنتم أدخلتم الجمع فيها بناء على قول ابن عباس موقوفًا عليه: (أراد ألا يحرج أمته) عن طريق القياس، ولو لم يوجد في السنة العملية ما يؤيد ذلك، وخرجتم القياس في الحضر على القياس في السفر بجامع المشقة، فالمسافر أولى بالإلحاق؛ لأن المسافر ثبت له الجمع بين الظهر والعصر؛ لعلة السفر، ولم يثبت الجمع في الحضر بين الظهرين في المطر، والمرض والوحل


(١) بداية المبتدئ (ص: ٢٧).
(٢) الجوهرة النيرة (١/ ٨٩)، وانظر: بداية المبتدئ (ص: ٢٦)، الهداية شرح البداية (١/ ٨٢)، فتح القدير (٢/ ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>