للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الوقت انقلبت الصلاة نفلًا، وهو لم ينو بتحريمته النفل، وكيف صح له النفل وهو لم ينوه؛ لأن ذلك من باب الانقلاب، وليس الانتقال، والجمعة أعلى من الظهر فانقلابها إلى ظهر أهون من الانتقال من الظهر إلى الجمعة.

وقد سبق لنا ما جاء في المدونة، عن ابن القاسم قوله: «وبلغني عن مالك أنه قال في رجل أتى المسجد يوم الخميس وهو يظن أنه يوم الجمعة، فدخل المسجد، والإمام في الظهر فافتتح معه الصلاة ينوي الجمعة، فصلى الإمام الظهر أربعًا، قال: أراها مجزئة عنه؛ لأن الجمعة ظهر، وإن أتى المسجد يوم الجمعة، وهو يظن أنه يوم الخميس، فأصاب الإمام في الصلاة، فدخل معه في الصلاة، وهو ينوي الظهر، فصلى الإمام الجمعة، قال: يعيد صلاته، وذلك رأيي» (١).

ففرق في الحكم بين انقلاب الجمعة إلى ظهر، فصححه، ومنع من انقلاب الظهر إلى جمعة.

وقيل: الخلاف مبني على أن الجمعة، أهي ظهر مقصورة، أم صلاة مستقلة؟ فيه وجهان عند الحنابلة (٢).

والصحيح أن الجمعة ركعتان تمام غير قصر.

ومن الحنابلة من منع صحة الصلاة مع الإمام في هذه الحال مطلقًا؛ لأن الجمعة فاتته، والظهر لا تصح خلف من يؤدي الجمعة؛ لاختلاف النيتين (٣).

وفرق الحنفية بين إدراك الوقت، وإدراك الصلاة، فإدراك الصلاة ومنه الجمعة يكفي فيه إدراك جزء منها قبل السلام، فمن دخل مع الإمام قبل السلام، ولو في سجود السهو فقد أدرك الجمعة.

وأما إدراك وقت الجمعة فلا يكفي فيه إدراك ركعة منها، فإذا خرج الوقت، وهو فيها بطلت الجمعة، واستأنف الظهر.

جاء في بداية المبتدئ: «وإن كان أدركه في التشهد، أو في سجود السهو بنى عليها


(١) المدونة (١/ ١٩٣).
(٢) انظر: المبدع (٢/ ١٥٧).
(٣) انظر: شرح الزركشي لشرح الخرقي (٢/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>