للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فعله من هو خير مني، إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أحرجكم فتمشوا في الطين والدحض، ورواه مسلم (١).

وجه الاستدلال:

استدل الشافعية بهذا الحديث على أن الشارع لم يفرق بين الظهر والجمعة في الأعذار التي تبيح التخلف عنهما، كالوحل، والمطر، والريح الباردة، فاشتراكهما في الأعذار دليل على اشتراكهما في الأحكام.

ويناقش:

هذا الدليل استدل به الشافعية، وإن كان يمكن أن يعكس، فيقال: كل عذر أباح التخلف عن الجماعة والجمعة لا يكون سببًا في الجمع؛ لأن الجمع إنما كان من أجل تحصيل الجماعة، فما كان سببًا في إسقاطها كيف يكون سببًا في تحصيلها؟ خاصة أن الجمع يقتضي تقديم الصلاة على وقتها، والمحافظة على الوقت أهم من تحصيل الجماعة، فالوقت شرط بالاتفاق، ووجوب الجماعة مختلف فيه، وعلى القول بوجوبها فالواجب ليس بمنزلة الشرط.

الدليل الرابع:

الجمع بين الجمعة والعصر من جمع التقديم، والرخصة لا تتعلق بالجمعة لوقوعها في وقتها وبشروطها، وإنما تتعلق بتقديم العصر، ولا فرق بين تقديم العصر يوم السبت أو الخميس أو الجمعة، ومن أخرج عصر الجمعة من الصلوات المجموعة في حق المسافر فيطالب بالدليل.

قياسه: المسافر يصلي الظهر خلف مقيم، فيلزمه صلاة حضر، وإذا لزمت المسافر صلاة الحضر انتفت في حقه علة الجمع بسبب السفر بالنظر إلى الصلاة الأولى الظهر، إلا أن الرخصة تتعلق بالعصر، فإذا انصرف منها صلى العصر قصرًا وجمعًا، فكان حكم الجمع والقصر مختصًا بالصلاة الثانية دون الأولى، كما تختص نية الجمع في الصلاة الثانية دون الأولى، فكذلك الشأن في الجمعة مع العصر.


(١) صحيح البخاري (٩٠١)، ورواه مسلم (٦٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>