للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أو جاءوا متفرقين؛ لأن المطلق جارٍ على إطلاقه، وقد تبين من تطبيق الصحابة لهذا الحديث، وعملهم بمقتضاه أنهم لا يفرقون: سواء أحضروا جميعًا أم حضروا متفرقين، فمقدم الصف لأولي الأحلام والنهى.

يقول ابن العربي: «ومجاورة الإمام لا تكون لكل أحد، وإنما هي كما قال النبي : (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى). فما يلي الإمام ينبغي أن يكون لمن كانت هذه صفته، فإن نزلها غيره أُخِّر له وتقدم هو إلى هذا الموضع؛ لأنه حقه بأمر صاحب الشريعة، كالمحراب هو موضع الإمام تقدم أو تأخر» (١).

ونوقش هذا:

هذا الخطاب حث من النبي لأولي الأحلام والنهى أن يبادروا بالحضور حتى يكونوا خلف النبي ، ولا يدل الحديث على جواز تحجير مكان لأولي الأحلام والنهى، وإبعاد من بادر وحرص على الصف الأول من مكانه الذي سبق إليه ليعطيه المتأخر.

ويجاب على هذا:

بأن هذا الحديث حث من النبي على المبادرة بالحضور قبل الشروع في الصلاة؛ لأنهم إذا شرعوا في الصلاة فقد تأخروا في الصف، ولا يمكنهم الصلاة خلفه، وأما إذا حضروا قبل الشروع في الصلاة فهم أولى من الغلمان في مقدمة الصف وأولى من غيرهم ممن هم دونهم في الأحلام والنهى؛ ليكونوا خلف الإمام؛ للحاجة إليهم في الاستخلاف، والفتح، يفسره الأثر التالي.

الدليل الثاني:

(ح-٣٣٤٧) روى النسائي، قال: أخبرنا محمد بن عمر بن علي بن مقدم، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، قال: أخبرني التيمي، عن أبي مجلز،

عن قيس بن عباد، قال: بينا أنا في المسجد في الصف المقدم، فجبذني رجل من خلفي جبذة، فنحاني، وقام مقامي، فوالله ما عقلت صلاتي، فلما انصرف، فإذا


(١) أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>