للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

في الصحيحين، سواء أكان النبي هو الإمام أم كان الإمام أبا بكر.

فإن قيل: صلاة أبي بكر بجانب الإمام ضرورة؛ لأن أبا بكر ليس له مكان في الصف، ولا يمكنه أن يتأخر إلى آخر الصفوف وهو في صلاة.

فالجواب: قد وقعت مثل هذه الحالة من قبل كما في حديث سهل بن سعد في صحح البخاري، حيث ذهب النبي ليصلح بين بني عوف، فحانت الصلاة، فتقدم أبو بكر، فصلى بالناس، وحضر النبي ، وهم في الصلاة، فتراجع أبو بكر القهقرى حتى قام في الصف (١).

وفي مرض موته هَمَّ أبو بكر بالتراجع ولم يمنعه من ذلك دعوى أنه لا يجد مكانًا في الصف، وإنما الذي منعه النبي حيث أشار إليه النبي أن يمكث مكانه.

ففي البخاري: ( … لما سمع أبو بكر حِسَّه، ذهب أبو بكر يتأخر، فأومأ إليه رسول الله : قم مكانك) (٢).

فإن قيل: ما الدليل على أنه يطلب المصافة من الصف؟.

قيل: حديث وابصة؛ لأنه لما طلب منه الإعادة، وقلنا: إنه مطلق يشمل ما إذا وجد فرجة في الصف أو لم يجد؛ لأن الحديث لا يقيده إلا نص مثله، فلم يكن له بد من أحد الخيارين المتبقين: إما الصلاة بجانب الإمام، وإما طلب المصافة من الصف.

ولأنه لو حضر اثنان، وفي الصف فرجة، فأيهما أفضل: وقوفهما جميعًا، أو سد أحدهما الفرجة وينفرد الآخر؟ رجح ابن تيمية الاصطفاف مع بقاء الفرجة؛ لأن سد الفرجة مستحب، والاصطفاف واجب، فإذا كان ذلك مقدمًا في الابتداء، فليكن مقدمًا لو كان الداخل فذًّا، وأمكنه طلب المصافة من الصف.

دليل من قال: يستحب أن يجذب رجلًا ليصلي معه:

كونه لا يصلي فذًّا فذلك من أجل الخروج من الخلاف في بطلان صلاته.

وكونه يجذب رجلًا من الصف؛ فمن أجل الخروج من كراهة الصلاة فذًّا، وليحقق الاصطفاف على القول بأنه سنة، وليس بواجب في أحد قولي العلماء.


(١) انظر صحيح البخاري (١٢١٨).
(٢) صحيح البخاري (٧١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>