للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أبو داود، عن أحمد، أنه يصح، ولم يفرق» (١). اه نقلًا من المغني.

ونوقش:

الجهل عذر على الصحيح، ولكن إذا فات وقت العبادة، أما إذا كان الوقت ما زال قائمًا فالاستدراك ممكن بالإعادة، كما طلب النبي من المسيء صلاته، فقال له: (ارجع فصل؛ فإنك لم تصل). رواه أبو هريرة، وهو مخرج في الصحيحين.

ولماذا عذر النبي أبا بكرة لجهله، ولم يعذر الرجل الذي صلى خلف الصف في حديث وابصة، وفي حديث علي بن شيبان، فطلب منهما الإعادة؟ مع الجزم بأنهما لم يخالفا السنة، وهما يعلمان؛ لأن الصحابي أتقى وأجلُّ من أن يرتكب النهي مع علمه به.

قال ابن رجب: «وفي هذا الطريق نظر؛ فإن الذي أمره النبي بالإعادة في حديث وابصة بن معبد الظاهر أنه لم يكن عالمًا بالنهي، ولم يسأله: هل علم النهي أم لا» (٢).

وترك السؤال عنه يدل على أنه لا أثر له في الحكم.

وإذا كان الجهل عذرًا فهو عذر في القليل والكثير، والتفريق في الجهل بين الركعة وما دون الركعة لا يقوم على حجة فقهية، وليس هذا من باب الاعتراض على النص، وإنما هو من قبيل النظر في فهم النص، فإدراك السجود في الصف ليس أهم من فوات الركوع في الصف، والأصل أن صحة إدراك السجود مبني على صحة إدراك الركوع مع الإمام، فلا يعتد بركعة لا يدرك ركوعها مع الإمام، وقد أدرك الركوع مع الإمام، وهو فذٌّ، فكيف صار إدراك السجود في الصف إدراكًا للمصافة، وفوات السجود في الصف لا يبطل الركعة فقط، بل يبطل الصلاة كلها؟.

فإن كان العفو عن أبي بكرة لعذر الجهل، فليكن الجهل عذرًا مطلقًا، سواء أصلى ركعة أم أكثر، ويلزم من قال هذا: الجواب عن حديث وابصة.

وإن كان التفريق في العذر قائمًا على التفريق بين القليل والكثير، فليكن هو موجب الحكم حتى مع قيام العلم، فيقال: من ركع دون الصف، وأدرك السجود


(١) المغني (٢/ ١٧٢).
(٢) فتح الباري (٧/ ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>