بإعادة الصلاة في حديث وابصة، ولم يعذره بالجهل، وكما في حديث المسيء صلاته أمره بالإعادة ما دام الوقت باقيًا، والاستدراك لم يفت، وسيأتي مزيد نقاش لعذر الجهل إن شاء الله تعالى، فينبغي أن يكون تصحيح الركعة راجعًا إلى أن الركوع قبل الصلاة، وإن كان منهيًا عنه، لا يبطل الصلاة.
فإن قيل: ولماذا لا يبطلها، والنهي يقتضي الفساد؟
فالجواب أحد ثلاث احتمالات:
- إما لحمل النهي على الكراهة.
- أو لأن النهي للتحريم، ولكنه لما كان يتعلق بواجب للصلاة وهي المصافة، وليس واجبًا فيها، لم يبطلها.
- أو لأن مقدار المخالفة قليل فما دون الركعة يحتمل لفاعله، بخلاف وابصة فإنه قد صلى الصلاة كلها، وهو فذ، وسيأتي مزيد بيان لهذا في الجواب الثالث.
فهذه ثلاث احتمالات لصحة فعل أبي بكرة مع توجيه النهي له، والله أعلم.
الجواب الثالث:
إن صلى ركعة كاملة فذًّا بطلت صلاته، وإن صلى أقل من ركعة، أو وقف معه آخر قبل إتمام الركعة، وكان جاهلًا صحت صلاته، وهذا رواية عن أحمد، واختارها الخرقي.
قال ابن قدامة: «من ركع دون الصف، ثم دخل فيه، لا يخلو من ثلاثة أحوال:
إما أن يصلى ركعة كاملة، فلا تصح صلاته؛ لقول النبي ﷺ:(لا صلاة لفرد خلف الصف).
والثاني: أن يدب راكعًا حتى يدخل في الصف قبل رفع الإمام رأسه من الركوع، أو أن يأتي آخر فيقف معه قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع، فإن صلاته تصح؛ لأنه أدرك مع الإمام في الصف ما يدرك به الركعة ....
الحال الثالث، إذا رفع رأسه من الركوع، ثم دخل في الصف، أو جاء آخر فوقف معه قبل إتمام الركعة، فهذه الحال التي يحمل عليها قول الخرقي، ونصُّ أحمد. فمتى كان جاهلًا بتحريم ذلك، صحت صلاته، وإن علم لم تصح. وروى