فهذه الطريق في إسناده بشار الخياط، ضعفه يحيى بن معين، والذهبي، وذكره ابن حبان في ثقاته، فالإسناد ضعيف. تابعه بكار بن عبد العزيز أبو بكرة كما في المعجم الأعرابي (٦٣٨)، والكامل لابن عدي (٢/ ٢١٧)، والاستذكار (٢/ ٣١٧) عن أبيه عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبي بكرة، أنه دخل المسجد على عهد النبي ﷺ، وهو في الصلاة قائمًا، قال: فسعيت حتى دخلت مع النبي ﷺ في الصلاة، فلما أن قضى النبي ﷺ صلاته، قال من الساعي؟. قال أبو بكرة: قلت: أنا يا نبي الله. قال: زادك الله حرصًا ولا تعد. وهذا أنكر من الذي قبله، بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة ضعيف، قد خالف بكار بشارًا في قوله: (إنه وجد النبي ﷺ قائمًا في الصلاة)، ولم يذكر بكار أن أبا بكرة ركع دون الصف مخالفًا كل من روى الحديث. والطريقان مدارهما على عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبيه، أن النبي ﷺ سأله: من الساعي. وكل من روى حديث أبي بكرة لم يذكر أن النبي ﷺ سأل: من الساعي. وعبد العزيز بن أبي بكرة وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في ثقاته، وتفرد عنه الضعفاء بذكر قوله: (من الساعي) مخالفًا رواية الحسن البصري، عن أبي بكرة، فهذا الحرف في الحديث منكر، وإذا كان منكرًا فغير صالح للاعتبار. وإنما كانت زيادة عبد العزيز بن أبي بكرة منكرة؛ لأن حديث زياد الأعلم عن الحسن، عن أبي بكرة، رواه همام وسعيد بن أبي عروبة، وأشعث بن عبد الملك، عن زياد الأعلم، فلم يذكروا أن النبي ﷺ سأل أبا بكرة عن فعله، فإن اعتمدنا رواية الجماعة، عن زياد الأعلم فليس فيها أن النبي ﷺ سأله عن فعله، وإنما في رواية همام عند البخاري (أنه ركع قبل أن يصل إلى الصف، فَذَكَرَ ذلك للنبي ﷺ، فقال النبي ﷺ: زادك الله حرصًا، ولا تعد). فكان أبو بكرة هو من أخبر النبي ﷺ بفعله بمبادرة منه، ولم يسأل النبي ﷺ من الساعي، ولا من الذي ركع دون الصف. وفي رواية البقية عدا حماد بن سلمة: (أنه ركع دون الصف، فقال النبي ﷺ: زادك الله حرصًا ولا تعد). ورواه حماد بن سلمة، عن زياد الأعلم به، وفيه أن النبي ﷺ سأل: (أيكم الذي ركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف). وليس فيه: (من الساعي). فهذا السؤال لم يرد إلا في طريق عبد العزيز بن أبي بكرة، والرواة عنه ضعفاء، بل إن رواية حماد: (ثم مشى إلى الصف) ما ينفي أن أبا بكرة أسرع، ولو سلم أن لفظ (من الساعي) محفوظ وهذا بعيد من حيث الصنعة، لو فرض هذا فالسعي يطلق على المشي، قال تعالى: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩]، ومعلوم أن السعي إلى الصلاة لا إسراع فيه، فعلى كل حال، لا يمكن قبول لفظ: (من الساعي) وهو مخالف لرواية الحسن، عن أبي بكرة، والله أعلم. =