للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أي: لا يصلي فرد خلف الصف، وحملوا النهي على الكراهة.

وأما الأدلة على صحة الصلاة خلف الصف:

فالدليل الأول:

(ح-٣٢٧٢) ما رواه الإمام البخاري من طريق همام بن يحيى، عن زياد الأعلم، عن الحسن،

عن أبي بكرة: أنه انتهى إلى النبي وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي ، فقال: زادك الله حرصًا ولا تَعُدْ (١).

وجه الاستدلال:

لو كان أبو بكرة يعلم أنه يدرك الركوع في الصف لم يركع دونه، وإنما ركع قبل الدخول في الصف؛ لحرصه على إدراك الركوع، ولغلبة ظنه أنه لو انتظر حتى يدخل في الصف لفاته الركوع؛ ولأن ما بعد الركوع سيدركه أبو بكرة في الصف حتمًا، وإنما ركع مع الإمام قبل دخوله في الصف حرصًا على إدراك الركعة بإدراك الركوع، والأصل أن الأمر جرى على ما ظنه أبو بكرة حتى يثبت العكس، فلم يثبت من وجه صحيح أن أبا بكرة دخل في الصف قبل أن يرفع النبي رأسه من الركوع. وقد صحح له النبي إدراك الركعة، ولم يطالبه لا بإعادة الصلاة، ولا بإعادة الركعة التي أدرك ركوعها خارج الصف، والركوع أهم ما في الركعة، ولهذا فرق الحنابلة بين سبق الإمام بالركوع فأبطلوا به الصلاة، وبين سبقه بغير الركوع، ولأن إدراك الركعة معلق بإدراك الركوع، فإذا صح له إدراك الركوع فذًّا، صح له من باب أولى إدراك ما بعده، وهو فذٌّ، وإذا صحت له ركعة، صحت له سائر الركعات، وهو فذٌّ؛ لأن الصلاة يبنى بعضها على بعض، وصحة بعضها صحة لسائرها، والعكس صحيح: فساد بعضها فساد لسائرها.

جاء في مسائل ابن هانئ للإمام أحمد: «رجل أدرك القوم، وهم ركوع؟

قال أحمد: «إن خشي أن تفوته ركع، وإن علم أنه يدرك لم يركع؛ لحديث أبي بكرة: زادك الله حرصًا، ولا تعد.


(١) صحيح البخاري (٧٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>