شرطهما، فقد رواه ابن علية، عن عبد العزيز، عن أنس.
وقد خرج الشيخان بضعة أحاديث بهذا الإسناد، ولم يختلف على ابن علية في قوله: (تجوز في صلاته).
اللفظ الثالث: ألفاظ ليست صريحة، وهي رواية الأكثر في حديث جابر، فتحتمل أنه قطع، وتحتمل أنه بنى.
من هذه الألفاظ: (فتنحى رجل من خلفه فصلى).
وفي رواية: (تأخرت، فصليت).
وهذان اللفظان لا يمنعان البنى على ما صلى.
وفي رواية: (انحرف إلى ناحية المسجد فصلى وحده).
وفي رواية: (فانصرف الرجل .. )
وفي رواية: (فطوَّل بهم، فانصرف الرجل، فصلى في ناحية المسجد).
وهذه ليست صريحة بالمعارضة لقوله (تجوز)، فليحمل المحتمل من هذه الألفاظ على الصريح منها، وأن المقصود من الانصراف والتأخر: التنحي عن الصف، وأن المقصود بقوله: (فصلى) أي بنى على ما صلى، وسواء أكان بنى، أم استأنف، فإنه قطع المتابعة، ولا يلزم من قطعها إبطال ما صلاه مع معاذ.
وإذا أمكن الترجيح بين هذه الألفاظ لم يحكم له بالاضطراب.
وأما الجواب عن الاختلاف في عذر الأنصاري،
فانفرد أسامة بن زيد الليثي، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب، عن جابر بن عبد الله، بقوله في الحديث: ( … إني رجل أعمل نهاري، حتى إذا أمسيت أمسيت ناعسًا، فيأتينا معاذ، وقد أبطأ علينا، فلما احتبس عليَّ صليت، ثم انقلبت إلى أهلي .... ).
وسبق لي تخريج حديث أسامة، وأن كل لفظ خالف فيه أسامة غيره، أو تفرد به في هذه القصة، مما لم يذكره غيره، ممن هم أوثق منه، فيعد شاذًّا، ومنه هذا الحرف، فقد تفرد بأنه صلى قبل قدوم معاذ، وأن الأنصاري تعذر بغلبه النعاس، فهو مخالف لكل من روى الحديث، وأنه جاء، ومعاذ يصلي، فدخل معه في الصلاة، فافتتح معاذ بسورة البقرة، فاستقل عن معاذ، فصلى، وانصرف.