للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لا يقارن بإتقان عمرو بن دينار. على أن عمرو بن دينار لم ينفرد بذلك فقد رواه ابن عجلان، عن عبيد الله بن مقسم، عن جابر كما في سنن أبي داود، وصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان وغيرهم، وهذا إسناد حسن، وسوف يأتي تخريجه إن شاء الله تعالى عند الكلام على وقت الصلاة، أهي المغرب أم العشاء؟

والقول نفسه يمكن أن ينطبق على زيادة سفيان بن عيينة؛ لأنه من أعلم الناس بعمرو بن دينار، كما قاله أحمد، وابن معين، وقد جود الحديث، ورواه بتمامه، وهو دليل على ضبطه، وعلى التسليم بشذوذ رواية سفيان، فذلك لا يعني ضعفها من جهة الدلالة؛ لثلاثة أمور:

الأمر الأول: أن هذا الحديث قد تعارض فيه الأصل والظاهر.

فالأصل: عدم اطلاع النبي .

والظاهر: أن النبي علمه، واطلع عليه؛ لأن الصلاة عمل جماعي يتكرر في اليوم خمس مرات، وقد أخذ صفة الاستمرار والدوام، كما يفيده قول جابر: (كان معاذ يصلي مع النبي ، ثم يأتي، فيؤم قومه)، فكلمة (كان) تدل على الاستمرار غالبًا.

وقد قال ابن حجر: «يكفي في علم النبي به قول الصحابي: إنه فعله في عهده. والمسألة مشهورة في الأصول، وفي علم الحديث، وهي: أن الصحابي إذا أضافه إلى زمن النبي كان له حكم الرفع عند الأكثر؛ لأن الظاهر أن النبي اطلع على ذلك، وأقره؛ لتوفر دواعيهم على سؤالهم إياه عن الأحكام … ».

فإذا أضيف إلى ذلك أن محارب بن دثار، وأبا الزبير، وعمرو بن دينار من رواية شعبة، وحماد بن سلمة، وسليم بن حيان، وسفيان بن عيينة، عنه، رووا عن جابر أن الأنصاري شكا معاذًا إلى النبي ، وأن النبي عاتب معاذًا، وأرشده إلى مقدار ما يقرأ في صلاته، وله شاهد من حديث أنس، فهل يتصور أن النبي يقف على كل ذلك من القصة، ولا يعلم أن معاذًا كان يصلي معه؟ فالظاهر: أن من علم كل ذلك، سيعلم أن معاذًا كان يصلي معه، وهذا الظاهر القوي مقدم على الأصل.

والفقهاء إذا تعارض الظاهر والأصل قُدِّم الأقوى منهما، والظاهر هنا أقوى من الأصل؛ لأن النبي لم ينكر على معاذ إلا تطويله القراءة في الصلاة، ويبعد أن يحيط جابر علمًا بفعل معاذ، وبصلاته مع النبي ، ويقصر عنه علم النبي ، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>