وانفرد سفيان بن عيينة بقوله: (إن معاذًا صلى معك العشاء، ثم أتى فافتتح بسورة البقرة .... ). ففي رواية سفيان دفع للاعتراض بأن النبي ﷺ ربما لم يكن يعلم بأن معاذًا كان يصلي معه قبل أن يصلي بقومه. وقد تكلم بعض العلماء في زيادة سفيان بن عيينة. وأجلُّ من تكلم في رواية ابن عيينة الإمام أحمد، وحسبك به خبيرًا في العلل. قال أحمد كما في رواية المروذي: كنت أذهب إليه -يعني: حديث معاذ - ثم ضعف عندي. قال ابن رجب في شرح البخاري (٦/ ٢٤٢): واعتل الإمام أحمد على حديث معاذ بأشياء: … فذكر منها: الثاني: أن الذين ذكروا: أنه كان يصلي خلف النبي ﷺ، ثم يرجع، فيؤم قومه، لم يذكر أحد منهم: أن النبي ﷺ علم بذلك، إلا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر. فقال أحمد: ما أرى ذلك محفوظًا. وقال مرة: ليس عندي ثبتًا؛ رواه منصور بن زاذان، وشعبة، وأيوب، عن عمرو بن دينار، ولم يقولوا ما قال ابن عيينة». والترجيح سيكون بين رواية سفيان بن عيينة؛ لإمامته، وكونه من كبار أصحاب عمرو بن دينار، ومن أهل بلده، ويحتمل تفرده، وقد قال أحمد كما في شرح علل الترمذي (٢/ ٦٨٤): «أعلم الناس بعمرو بن دينار: ابن عيينة، ما أعلم أحدًا أعلم به من ابن عيينة». وبين ترجيح رواية سليم بن حيان الهذلي البصري، والذي فضلها البخاري، فأخرجها في صحيحه، ولم يخرج رواية سفيان مع أنها على شرطه، وقد تابع سليمَ بنَ حيان أبو الزبير المكي، من رواية ابن جريج عنه، وشهد له حديث أنس من رواية ابن علية، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، وهو على شرط الصحيحين. فالإمام أحمد كان يراها محفوظة في أول الأمر، ثم أحتاط للرواية في آخر اجتهاده فأعلَّ زيادة سفيان بتفرده بالتصريح بعلم النبي ﷺ بصلاة معاذ خلفه. وقال ابن شاهين في ناسخ الحديث (٢٥٠): «سمعت أحمد بن سلمان الفقيه يقول: سمعت إبراهيم بن إسحاق، يسأله رجل من أهل خرسان، إذا صلى الإمام تطوعًا، ومن خلفه فريضة؟ قال: لا يجزيهم. قال: فأين حديث معاذ بن جبل؟ قال، قال: إبراهيم الحربي: حديث معاذ قد أعيا القرون الأولى».