للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ويرد على هذا:

أما تفرد عمرو بن دينار بقوله: (كان معاذ يصلي مع النبي ثم يأتي، فيؤم قومه)، فلا يضره، وهو مقدم على كل من رواه عن جابر، وأي شيء روى أبو صالح، أو محارب بن دثار،، عن جابر، ولو جمعت مروياتهم كلها عن جابر، لم تبلغ ما رواه عمرو بن دينار، ولا نصفه، نعم أبو الزبير مكثر عن جابر، ولكنه خفيف الضبط،


= وليس في لفظ الشكاية من رواية سليم بن حيان، عن عمرو بن دينار، ولا من رواية أبي الزبير، عن جابر، ولا من حديث أنس إخبار النبي أن معاذًا كان يصلي معك العشاء.
وانفرد سفيان بن عيينة بقوله: (إن معاذًا صلى معك العشاء، ثم أتى فافتتح بسورة البقرة .... ).
ففي رواية سفيان دفع للاعتراض بأن النبي ربما لم يكن يعلم بأن معاذًا كان يصلي معه قبل أن يصلي بقومه.
وقد تكلم بعض العلماء في زيادة سفيان بن عيينة.
وأجلُّ من تكلم في رواية ابن عيينة الإمام أحمد، وحسبك به خبيرًا في العلل.
قال أحمد كما في رواية المروذي: كنت أذهب إليه -يعني: حديث معاذ - ثم ضعف عندي.
قال ابن رجب في شرح البخاري (٦/ ٢٤٢): واعتل الإمام أحمد على حديث معاذ بأشياء: … فذكر منها: الثاني: أن الذين ذكروا: أنه كان يصلي خلف النبي ، ثم يرجع، فيؤم قومه، لم يذكر أحد منهم: أن النبي علم بذلك، إلا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر.
فقال أحمد: ما أرى ذلك محفوظًا. وقال مرة: ليس عندي ثبتًا؛ رواه منصور بن زاذان، وشعبة، وأيوب، عن عمرو بن دينار، ولم يقولوا ما قال ابن عيينة».
والترجيح سيكون بين رواية سفيان بن عيينة؛ لإمامته، وكونه من كبار أصحاب عمرو بن دينار، ومن أهل بلده، ويحتمل تفرده، وقد قال أحمد كما في شرح علل الترمذي (٢/ ٦٨٤): «أعلم الناس بعمرو بن دينار: ابن عيينة، ما أعلم أحدًا أعلم به من ابن عيينة».
وبين ترجيح رواية سليم بن حيان الهذلي البصري، والذي فضلها البخاري، فأخرجها في صحيحه، ولم يخرج رواية سفيان مع أنها على شرطه، وقد تابع سليمَ بنَ حيان أبو الزبير المكي، من رواية ابن جريج عنه، وشهد له حديث أنس من رواية ابن علية، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، وهو على شرط الصحيحين.
فالإمام أحمد كان يراها محفوظة في أول الأمر، ثم أحتاط للرواية في آخر اجتهاده فأعلَّ زيادة سفيان بتفرده بالتصريح بعلم النبي بصلاة معاذ خلفه.
وقال ابن شاهين في ناسخ الحديث (٢٥٠): «سمعت أحمد بن سلمان الفقيه يقول: سمعت إبراهيم بن إسحاق، يسأله رجل من أهل خرسان، إذا صلى الإمام تطوعًا، ومن خلفه فريضة؟ قال: لا يجزيهم. قال: فأين حديث معاذ بن جبل؟ قال، قال: إبراهيم الحربي: حديث معاذ قد أعيا القرون الأولى».

<<  <  ج: ص:  >  >>