ولأن النيات لا اطلاع لأحد عليها، فلا يكلف المأموم العلم بنية إمامه.
الوجه الثالث:
قد وجدت نصوص كثيرة في صحة صلاة المتنفل خلف المفترض مع اختلاف نية المأموم عن نية إمامه، كحديث أبي سعيد:(من يتصدق على هذا)، وحديث يزيد بن الأسود، (صليا معهم تكن لكما نافلة)، وحديث أبي ذر في الصلاة خلف الأئمة الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، فأمره النبي ﷺ بالصلاة لوقتها، فإن أدركها صلى معهم، وكانت له نافلة، حتى حكى جماعة من أهل العلم الإجماع على صحة النفل خلف الفرض، وسوف يأتي بحثها إن شاء الله تعالى.
فلو كان الاتفاق بالنية شرطًا لما صحت صلاة المتنفل خلف المفترض، والأئمة الأربعة على صحة ائتمام المتنفل بالمفترض، وهذا يدل على أن الاختلاف في النية لا أثر له.
قال ابن العربي:«قال بعض علمائنا: قوله ﴿وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: ١٠٣] دليل على أنه لا يصلي المفترض خلف المتنفل؛ لأن نيتهم قد تفرقت، ولو كان هذا متعلقًا لما جازت صلاة المتنفل خلف المفترض؛ لأن النية أيضًا قد تفرقت»(١).
الوجه الرابع:
جَعْلُ موافقة الإمام بالنية شرطًا في صحة صلاة المأموم لا دليل عليه؛ لأن الشرطية لا تثبت بمجرد الأمر بالشيء، أو بمجرد النهي عنه، فحديث أبي هريرة وهو نصٌّ في قوله:(إذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا) فأمر أن يكون ركوع المأموم وسجوده بعد ركوع الإمام وسجوده، ولو قارن المأموم إمامه بالركوع، أو بالسجود لم تبطل صلاته، بل ولو سبقه إلى الركن متعمدًا عالمًا لم تبطل عند الأئمة الثلاثة، وكذلك عند الحنابلة إذا رجع وأتى به بعده، إلا أن يسبقه بتكبيرة الإحرام أو بالسلام.
قال ابن حجر: «مع وجوب المتابعة ليس شيء منها شرطًا في صحة القدوة إلا