للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لا يفهم منها التقييد ولا التخصيص بالأفعال؛ لأن ما ذكر أفراد من المطلق، أو العام لا يقتضي تخصيصًا، كقوله تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ [البقرة: ٢٣٨]. فذكر الوسطى لا يقتضي تخصيصها بالمحافظة، وإنما يدل على زيادة عناية، فكذلك الاختلاف في الأفعال أكثر اختلافًا ومفارقة من الاختلاف في النية، ولا يعني هذا تقييدًا، ولا تخصيصًا.

ويناقش من وجوه:

الوجه الأول:

أن المسلمين مجمعون على عدم جواز الاختلاف على الإمام في الفعل، فإذا قام وجب على المأموم متابعته في القيام إلا من عذر، فتجب متابعة الإمام في أفعاله، ولو اختلف نظم صلاة المأموم، كما في المسبوق؛ فإنه يجب عليه متابعة إمامه في أفعاله، حتى ولو جلس المأموم للتشهد في الصلاة الواحدة أربع تشهدات دفعًا للاختلاف على الإمام، ويجلس معه في التشهد الأخير، وإن كان لا يعتد به، ولو قام الإمام عن التشهد الأول سهوًا وجب عليه أن يتبعه في تركه، وإن كان ذاكرًا، وإذا صلى المسافر خلف المقيم وجب عليه الائتمام، وإن كان المشروع للمسافر القصر، وإذا سها الإمام، فسجد للسهو قبل السلام، وجب على المأموم أن يتابعه، ولو لم يدرك السهو، وإذا صلى قاعدًا لعلة، صلى المأموم جالسًا؛ متابعة لإمامه على أحد القولين عن أحمد، فهذه الأمور كلها تؤكد وجوب توافق نظم الصلاتين في الأفعال الظاهرة، وإنما الكلام في وجوب اتفاق نية الإمام والمأموم، فهذا الذي لا دليل عليه من الحديث.

الوجه الثاني:

قد بيَّن الرسول في هذا الحديث المواضع التي يلزم الائتمام بالإمام فيها، بقوله : (فلا تختلفوا عليه: فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا)، فهذا الذي أمرنا بعدم الاختلاف على الإمام فيه في الأفعال الظاهرة دون النيات، ولا يوجد حديث واحد: يأمر باتفاق النية بين الإمام والمأموم.

ولأن الاختلاف على الإمام بالنية، لا يختلف فيه ترتيب الصلاة، فلا يكون فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>