للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وجه الاستدلال:

أن الآية ذكرت موجبات النار، فكان أولها ترك الصلاة، وهي من فروع الشريعة، والعقاب دليل على ترك الواجب.

* وناقش الحنفية هذا الاستدلال:

بأن المراد ﴿لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ لم نك من المؤمنين الذين يعتقدون الصلاة، وإلا لقال: لم نك نصلِّي (١).

وهذا تأويل فيه تكلف، فإن لفظ: (مصلٍّ) اسم فاعل، وهو نائب مناب الفعل، و (أل) في الاسم المشتق (المصلين) تعني الاسم الموصول: الذين يصليون، فيكون المعنى: لم نَكُ من الذين يصليون (٢).

الدليل الثاني:

قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧].

وجه الاستدلال:

أن لفظ (الناس) اسم جنس معرف (بأل) الاستغراقية، فيشمل جميع الناس.

ولأن الله لم يستثن أحدًا من الناس إلا العاجز، والاستثناء معيار العموم، كما يقول أهل الأصول.

قال القرطبي: «أجمع العلماء على أن الخطاب بقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ﴾ عام في جميعهم، مسترسل على جملتهم» (٣).

وقال ابن العربي: قوله تعالى: ﴿عَلَى النَّاسِ﴾ عام في جميعهم، مسترسل على جميعهم من غير خلاف بين الأمة في هذه الآية، وإن كان الناس قد اختلفوا في مطلق العمومات، بيد أنهم اتفقوا على حمل هذه الآية على جميع الناس ذكرهم


(١) شرح هداية ابن العماد (ص: ٣٥).
(٢) أصل (يُصلّون): (يُصليون) ب (ياء) قبلها كسرة، والعَرَب تَعاف الانتقال من الكَسر إلى الضّم، فحذفوا الضّم؛ لثقله، وحذفت (الياء) لسكونها وسكون (الواو)، وحرّكت (اللام) بالضّم لأجْل (الواو). انظر: العدة في إعراب العمدة (٢/ ١٢٢)، الجدول في إعراب القرآن (١٥/ ٧٠).
(٣) تفسير القرطبي (٤/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>