للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

هذه أهم الأقوال في المسألة. والله أعلم.

* وسبب الخلاف:

من قال: إن الكافر غير مخاطب بالفروع حال كفره، بناه على أن الكافر لا يصح القول بخطابه بالفروع مع الاتفاق على أننا لا نأمره بفعل العبادة، ولو فعلها لم تصح منه، وهذا هو معنى نفي التكليف بنفي الخطاب.

ومن قال: إنهم مخاطبون بالفروع رأى أنهم مأمورون بالفروع بشرط الإيمان، كالمحدث يؤمر بالصلاة بشرط الطهارة.

وهناك من يرى الجمع بين الخلاف، فيقول: معنى غير مخاطبين بالفروع: أي لا تجب عليهم وجوب أداء حال كفرهم، ومخاطبون بالفروع بمعنى أنهم معاقبون عليها في الآخرة، فلا يتصور عقاب إلا إذا سبقه تكليف، وبهذا يجتمع القولان (١).

وعلى القول بأنهم معاقبون في الآخرة: أيعاقبون على ترك الامتثال أم يعاقبون على ترك اعتقاد الوجوب؟ لأنهم ينكرون وجوب الامتثال، واعتقاد ذلك كفر يعاقبون عليه (٢).

إذا علمت الأقوال ننتقل إلى معرض الاستدلال.

* دليل من قال: الكفار مخاطبون بالفروع كلها الأوامر والنواهي:

الدليل الأول:

قال تعالى: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾ [المدثر: ٤٢، ٤٣].


(١) قال النووي في المجموع (٣/ ٤): وأما الكافر الأصلي فاتفق أصحابنا في كتب الفروع على أنه لا يجب عليه الصلاة، والزكاة والصوم وغيرها من فروع الإسلام، وأما في كتب الأصول، فقال جمهورهم: هو مخاطب بالفروع، كما هو مخاطب بأصل الإيمان، وقيل: لا يخاطب بالفروع … والصحيح الأول، وهو ليس مخالفًا لقولهم في الفروع؛ لأن المراد هنا غير المراد هناك، فمرادهم في كتب الفروع: أنهم لا يطالبون بها في الدنيا مع كفرهم، وإذا أسلم أحدهم لم يلزمه قضاء الماضي، ولم يتعرضوا لعقابه في الآخرة.
ومرادهم في كتب الأصول: أنهم يعذبون عليها في الآخرة زيادة على عذاب الكفر، فيعذبون عليها، وعلى الكفر جميعًا لا على الكفر وحده، ولم يتعرضوا للمطالبة في الدنيا، فذكروا في الأصول حكم أحد الطرفين، وفي الفروع حكم الطرف الآخر. والله أعلم». وانظر مطالب أولي النهى (١/ ٢٧٤، ٢٧٥).
(٢) انظر أصول السرخسي (١/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>