الإمام على نظم صلاته، ما لم يسبقه بأكثر من ثلاثة أركان مقصودة لذاتها، وهي الطويلة، فلا يعد منها القصير: وهو الاعتدال، والجلوس بين السجدتين؛ لأنهما وإن قصدا لكن لا لذاتهما بل لغيرهما، فإن سبقه بأكثر من ثلاثة أركان، وقد انتهى الإمام إلى الرابع، بحيث لم يفرغ من الفاتحة إلا والإمام قائم عن السجود، أو جالس للتشهد، فوجهان.
أحدهما: يجب أن يفارقه؛ لتعذر الموافقة.
والأصح يتبع الإمام فيما هو فيه، ثم يتدارك بعد سلام الإمام ما فاته (١).
هذا كله في المأموم الموافق. وأما المسبوق إذا قرأ بعض الفاتحة، ولم يكن قد اشتغل بافتتاح وتعوذ، فركع إمامه فإنه يتبعه في الركوع، ويسقط عنه بقيتها؛ لأنه لم يدرك غير ما قرأه، وأجزأه، كما لو أدركه في الركوع.
فإن تخلف المسبوق لإتمام الفاتحة، وفاته الركوع مع إمامه، وأدركه في الاعتدال بطلت ركعته؛ لأنه لم يتابعه في معظمها؛ ولأنه من التخلف بلا عذر.
وأما إذا اشتغل المسبوق بافتتاح، وتعوذ، فيلزمه القراءة من الفاتحة بقدرهما؛ لتقصيره بعدوله عن فرض إلى نفل، وهو بتخلفه معذور؛ لإلزامه بالقراءة.
هذا هو قول الشافعية مع دليله أو تعليله.
القول الرابع: مذهب الحنابلة:
قال الحنابلة: حكم التخلف عنه كالسبق، وعلى هذا: إن تخلف عن إمامه بركن فعلي واحد بلا عذر، فإن كان ركوعًا بطلت؛ لأنه سبقه بركن كامل، وهو معظم الركعة. وإن كان غيره حرم الفعل، ولم تبطل؛ لأن غير الركوع لا يساوي الركوع.
وإن تخلف عنه بركن لعذر من نوم، أو سهو، أو زحام أتى بالركن الذي تأخر عنه، وصحت ركعته، وإلا لغت الركعة التي وقع فيها التخلف، ويقضي بدلها.
وإن تخلف عنه بركنين: فإن كان لغير عذر بطلت؛ لتركه متابعة الإمام بلا عذر، أشبه ما لو قطع الصلاة.