للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

السنة، وهذا يتفق مع تعليل الحنابلة، إلا أن الشافعية رتبوا على ذلك أنه إذا ارتكب المكروه فقد فوت عليه فضل الجماعة؛ لأن المكروه لا ثواب فيه.

فإن قيل: ما فائدة صحتها مع انتفاء الثواب فيها؟

قالوا: سقوط الإثم على القول بوجوبها: إما على العين أو الكفاية، والكراهة على القول بأنها سنة مؤكدة؛ لقيام الشعار ظاهرًا، والله أعلم (١).

قلت: كما أن الصلاة قد ينتفي عنها الثواب وتبقى صحيحة كصلاة الآبق، فكذلك الجماعة قد ينتفي عنها الثواب مع الحكم بصحتها، إلا أن هذا القول يسلم لو سلم الحكم بأن ثواب الجماعة ينتفي بارتكاب المكروه.

وإذا كان السبق إلى الركن لا يبطل الصلاة عند الأئمة الأربعة في الجملة كما مر معنا، فالمساواة من باب أولى؛ لأن السبق أغلظ من المقارنة.

ويناقش:

أولًا: لا يلزم من حصوله على فضيلة الجماعة ثوابه على المكروه؛ لأن هذا المكروه لم يخرجه من صلاة الجماعة، نعم لو نوى مفارقة إمامه بلا عذر فعلى مذهب الشافعية يجوز مع الكراهة، فهنا يقال: المكروه قطع ثواب الجماعة؛ لأنه ترتب عليه قطع حكم الجماعة، وانتقل إلى الانفراد، فإذا كانت المقارنة بالركوع لا تقطع المتابعة، لم تذهب بثواب الجماعة؛ لأن الجهة منفكة، وليس الكلام على صحة الصلاة فحسب، فالمنتقل إلى حكم الانفراد لم تبطل صلاته ويبني على ما صلاه مع إمامه، ولكن بطل ثواب الجماعة لأنه قطع القدوة، فبقاء ثواب الجماعة معلق ببقاء حكم الائتمام، وهو أخص من صحة الصلاة، فكل ما أبطل صلاته أبطل ائتمامه، وليس العكس، فقد يبطل الائتمام، ولا تبطل الصلاة.

ولهذا نقل الرملي عن والده: فوات فضل الجماعة فيما قارن فيه فقط (٢).

وإشكال آخر أثاره بعض الشافعية: فقالوا: كيف تكون المتابعة واجبة، وتكون


(١) انظر: تحرير الفتاوى (١/ ٣٥٥).
(٢) نهاية المحتاج (٢/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>