للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

جائزة مكروهة فقط» (١).

وجمع المالكية في إبطال الصلاة بالمساواة مع الإمام في التحريمة والسلام عمدًا، وفرقوا بينهما في حال السهو، فالمساواة سهوًا بالسلام لا يبطل الصلاة خلافًا للتحريمة. وهذا فرق لا يستفاد من حديث أبي هريرة.

فالمساواة في التحريم مبطلة؛ لأن صلاة المأموم تبنى على صلاة إمامه، فيتعين أن تكون صلاة الإمام في الوجود سابقة لصلاة المأموم، حتى يمكنه البناء عليها.

وأما مساواته في السلام سهوًا فذلك يقع بعد عقد الصلاة، فلا يؤثر فيها مع السهو، ويرجع يسلم معه.

ويمكن أن يستدل للمالكية في التفريق بين المساواة في السلام، والمساواة في غيره عدا التحريمة أن يقال:

أن كل ما كان سبقه مبطلًا للصلاة فإن مساواته مبطلة أيضًا، فالسبق في تكبيرة الإحرام مبطل للصلاة، وكذلك السبق بالسلام عمدًا مبطل للصلاة فكانت المساواة فيهما مبطلة، وكل ما كان سبقه لا يبطل الصلاة، وإن كان منهيًا عنه، كالسبق بالركوع، والسبق بالسجود، فمساواته لا تبطل الصلاة أيضًا.

هذا ما ظهر لي مما يمكن الاستدلال به لقول المالكية، فإن صح فالحمد لله، وإلا فقد سبق لك ما وقفت عليه من استدلال عند القرافي وما يرد عليه، والله أعلم.

دليل من قال: تكره مقارنة الإمام بالسلام ولا تبطل الصلاة:

علل الشافعية الصحة بقولهم: لكون القدوة منتظمة؛ لا مخالفة فيها؛ يقصدون أن المقارنة لا تنافي المتابعة الواجبة، وإن كانت تنافي المتابعة الكاملة، كما سيأتي أن الشافعية يقسمون المتابعة إلى واجبة، وكاملة.

وعلل الحنابلة الصحة بقولهم؛ لأنه اجتمع معه في الركن يعني فلم يختلف عليه.

واتفقوا على تعليل الكراهة بقولهم: لمخالفته السنة، وزاد الشافعية: بأن ارتكاب المكروه يفوت فضيلة الجماعة؛ لأن المكروه لا ثواب فيه، مع حكمهم أن الجماعة صحيحة، لكن لا يحصل فيها ثواب الجماعة، وإنما كان مكروهًا عند الشافعية لمخالفته


(١) شرح زروق على الرسالة (١/ ٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>