للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ولأن قوله: (إذا كبر فكبروا) اسم شرط من أسماء العموم، فيشمل تكبيرة الإحرام، ويشمل تكبيرات الانتقال، وهو يقتضي أن تكبير المأموم لا يكون إلا بعد تكبير الإمام.

ويجب عند الحنابلة أن يبتدئ التكبير حين يهوي للركوع، وكذا سائر الانتقالات، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، فإن خالف، فشرع فيه قبله، أو أكمله بعده، فقياس المذهب بطلان صلاته، وهو من المفردات.

وقيل: يحتمل أن يعفى عن ذلك؛ لأن التحرز منه يعسر، والسهو به يكثر، ففي الإبطال به، والسجود له مشقة (١).

وإذا كان لا يكبر إلا حين يهوي للركوع، ولا يهوي للركوع إلا إذا هوى الإمام فلا يتصور سبق المأموم لإمامه في تكبيرات الانتقال، نعم قد يقارن تكبيره تكبير إمامه، وهذا يأخذ حكم موافقة المأموم إمامه في الأفعال، وسوف أعقد لها فصلًا مستقلًا إن شاء الله تعالى، وإنما البحث الآن معقود في حكم مسابقة الإمام.

وأما سبق الإمام بالقراءة أو بالتشهد: فلا يظهر منه مخالفة للإمام، ولا اختلاف عليه.

ولأن القراءة في الصلاة إن كان فيما يجهر فيه الإمام فإنه لا قراءة على المأموم على الصحيح، وإن كان فيما يسر الإمام فيه القراءة فإنه يعسر على المأموم إن لم يتعذر لو تطلب أن تقع قراءته بعد قراءته. ومثله التشهد في الصلاة فإنه لا يشرع الجهر به حتى يتطلب عدم مسابقة الإمام فيه، ولم يأت في النصوص ما يدل على أن المأموم لا يسبق إمامه بالتشهد.

وقياسًا على التأمين، فإن التأمين في الصلاة يوافق فيه المأموم إمامه، وعند الشافعية القائلين بوجوب القراءة على المأموم فلو فرغ من الفاتحة قبل إمامه فإنه يشرع له التأمين قبل إمامه، ويؤمن معه إذا أمن (٢).


(١) قال في الإنصاف (٢/ ٥٩): وإن شرع فيه قبله، أو كمله بعده فوقع بعضه خارجًا عنه فهو كتركه .... ». وانظر: شرح منتهى الإرادات (١/ ٢١٩)، كشاف القناع (١/ ٣٨٩)، مطالب أولي النهى (١/ ٥٠٣)، الفواكه العديدة (١/ ٨٩).
(٢) المجموع (٣/ ٣٧٣)، أسنى المطالب (١/ ١٥٤)، مغني المحتاج (١/ ٣٦٠)، غاية البيان شرح زبد ابن رسلان (ص: ٩٥)، نهاية المحتاج (١/ ٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>