للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ودلالات بل من لا يشكون في نفاقه، ومن نزل القرآن ببيان نفاقه - كابن أبي وأمثاله - ومع هذا فلما مات هؤلاء ورثهم ورثتهم المسلمون، وكان إذا مات لهم ميت آتوهم ميراثه، وكانت تعصم دماؤهم حتى تقوم السنة الشرعية على أحدهم بما يوجب عقوبته .... » (١). والله أعلم.

ظاهر كلام شيخ الإسلام أن من يترك الصلاة أحيانًا بمنزلة المنافق، فيحكم بإسلامه في الظاهر، وإن كان في الباطن كافرًا، ولا يحكم بكفره على قول شيخ الإسلام حتى تقوم السنة الشرعية على أحدهم بما يوجب عقوبته.

وما هي السنة الشرعية التي توجب العقوبة إلا أن يريد بذلك أن يحكم قاضٍ بردته بعد أن يسأل لما تركها؟ فإن كان له شبهة رفعها، وإن لم يكن له شبهة دعاه إلى فعلها، فإن امتنع حكم بردته، وحينئذٍ تنزل عليهم أحكام الردة؛ لأن مثل هذه الأحكام ليست لآحاد الناس، والله أعلم (٢).

ولابن تيمية كلام صريح أن تارك الصلاة له حكمان، ظاهر، وهو الإسلام، وباطن وهو الكفر، كالمنافق.

يقول في شرح العمدة: «فأمَّا إذا لم يُدْعَ -يعني تارك الصلاة- ولم يمتنع، فهذا لا يجري عليه شيء من أحكام المرتدِّين في شيء من الأشياء، ولهذا لم يُعلم أنَّ أحدًا من تاركي الصلاة تُرِك غسلُه والصلاةُ عليه ودفنُه مع المسلمين، ولا مُنِع ورثتُه ميراثَه، ولا أُهدِر دمُه بسبب ذلك، مع كثرة تاركي الصلاة في كلِّ عصر، والأمة لا تجتمع على ضلالة. وقد حمل بعض أصحابنا أحاديث الرجاء على هذا الضرب.

فإن قيل: فالأدلَّة الدالَّة على التكفير عامَّة عمومًا مقصودًا، وإن حملتموها على هذه الصورة -كما قد قيل- قلَّت فائدتُها، وزال مقصودها الأعظم؛ وليس في


(١) مجموع الفتاوى (٧/ ٦١٨).
(٢) يشكل على هذا الظاهر أن شيخ الإسلام في تعليق آخر قال في مجموع الفتاوى (٢٢/ ٤٩): «أكثر الناس يصلون تارة، ويتركونها تارة، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها، وهؤلاء تحت الوعيد». فجعلهم تحت المشيئة، وذلك حكم بإسلامهم حتى في الباطن.

<<  <  ج: ص:  >  >>