للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقولكم: لا يمكن تصحيح التحريمة بنية الانفراد، وهو لم ينو الانفراد، فالجواب: أن الانفراد لا يشترط له نية خاصة، كما صححنا صلاته نافلة، وهو لم ينو النفل إذا انتقل بنيته من فرض إلى فرض آخر أثناء الصلاة، وإنما السؤال الذي يحسن توجيهه: إذا أبطلنا الاقتداء؛ لشروعه في تكبيرة الإحرام قبل إمامه، فهل اعتقاد المصلي بقاءه مأمومًا، هل يؤثر ذلك على صحة صلاته منفردًا؟.

والجواب: أن الحكم بمفارقة الإمام قد تكون بالنية، فإذا نوى المفارقة انتقل إلى الانفراد كما فعل الأنصاري خلف معاذ حين أطال الصلاة، وقد تكون المفارقة بالفعل المقتضي، نوى أو لم ينو؛ فصلاته حكمًا كمنفرد، لمسابقته إمامه، أو تخلفه عنه عمدًا بلا عذر؛ لأن الائتمام يوجب المتابعة، فإذا لم يلتزم بمقتضاه لم يعط حكمه.

فإذا كان ممن يرى القراءة خلف الإمام فالقول بصحة صلاته منفردًا متجه.

وإذا كان لا يقرأ مع الإمام؛ لاعتقاده أنه مأموم، فقد يقال: لا تصح صلاته؛ لأنه ليس مأمومًا حكمًا، وهو الأظهر.

وقد يقال بالصحة، وقد صحح المالكية والحنابلة في الإمام يصلي بالناس ناسيًا حدثه، فلم يتذكر حتى فرغ من الصلاة، أن على الإمام الإعادة، دون المأموم، فصححوا صلاة المأموم، مع أنه لم يقرأ الفاتحة في الصلاة الجهرية، بحسب الراجح في مذهب المالكية، والحنابلة. والإمام الذي كان يتحمل عنهم القراءة لم تصح صلاته حتى يصح تحمله، فتحمل الإمام فرع عن صحة صلاته، فإذا كان اعتقاد المأموم أن إمامه تحمل عنه كافيًا لصحة صلاته، فكذلك هذا.

وقد يقال بالفرق: فهذا المأموم معذور؛ لأنه مأمور بالدخول مع الإمام، ولا سبيل للوقوف على طهارة الإمام بخلاف من كبر قبل إمامه، فهو مخالف للسنة، والله أعلم.

وهذا الفرق ليس ظاهرًا؛ لأن العذر في المأمورات يسقط الإثم، ولا يسقط الطلب، فقراءة الفاتحة من المأمورات، وكما لو صلى ناسيًا حدثه لم تسقط عنه الصلاة، بخلاف المحظورات، فإن ارتكابها نسيانًا لا أثر له على صحة الصلاة، كما

<<  <  ج: ص:  >  >>