الإمام، فليصلها معه، فإنها له نافلة)، وهو حديث صحيح، وسبق تخريجه.
فأمره النبي ﷺ بالصلاة مع الإمام، ولو كان قد صلى فرضه، فما بالك إذا كان لم يُصَلِّ فرضه.
ويجاب:
بأن هذا الاعتراض حمل أكثر من مسألة:
أما الجواب عن حديث:(إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة)، فهذا الحديث لا مدخل له في مسألتنا؛ لأن المصلي إذا سبق إمامه في تكبيرة الإحرام، وقلنا: قد شرع في صلاة نفسه قبل الإمام، فهذا إنما أحرم بالفريضة قبل إمامه، والحديث قد استثنى المكتوبة من الصلاة المنفية، فمعنى الحديث:(إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة نافلة إلا المكتوبة).
قال ابن بطال: «أجمعوا أن من عليه صلاة الظهر، فدخل في المسجد؛ ليصليها، فأقيمت عليه العصر، أنه لا يقطع صلاته، ويكملها؛ لقوله ﷺ:(إلا المكتوبة)» (١).
فإن أراد الخروج مما هو فيه فعليه قطع نيته، والخروج مما شرع فيه، ويستأنف تكبيرة الإحرام للدخول مع الإمام، وتكبيرته للإحرام مرة ثانية بعد الإمام رفض للأولى، ولا أظن أحدًا يختلف في صحة الانتقال من صلاة إلى أخرى بهذه الطريقة، إذا نوى الخروج من الصلاة الأولى، وإن تكلم فيها أحد فقد يتكلم في الحكم التكليفي من جهة حكم إفساد الفرض بعد الشروع فيه، فيتوقف الحكم عليه بالنظر إلى الباعث عليه، فإذا كان له غرض صحيح في إبطال فرضه، وهو طلب الكمال في الصلاة مع الجماعة، والخروج من خلاف العلماء، فذلك جائز.
وإن أتم صلاته صحت منفردًا، خاصة عند من يقول: إن صلاة الجماعة سنة، ولا ثواب له في أجر الجماعة، وينبغي أن تصح صلاته منفردًا حتى عند من يقول بوجوب الجماعة؛ لأن الإثم بترك الجماعة لا يبطل صلاته منفردًا إلا على قول من يرى الجماعة شرطًا، وهو قول ضعيف.