وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. اه وهذا حكم منه بضعفه؛ لأن الحسن عند الترمذي: هو حديث الراوي ممن لا يتهم في الراوية، إذا روي لفظه أو معناه من غير وجه، ولم يخالفه من هو أقوى منه حتى لا يكون شاذًا. قال الترمذي كاشفًا عن اصطلاحه: الحديث الحسن: كل حديث يروى لا يكون في إسناده متهم بالكذب، ولا يكون الحديث شاذاً، ويروى من غير وجه نحو ذلك. انظر: شرح علل الترمذي لابن رجب (٢/ ٥٧٣). وإذا قال: حسن غريب، فيكون مراده حديث الضعيف إذا كان لفظه لا يعرف إلا من هذا الوجه، وقد يكون لمعناه شواهد من غير هذا الوجه بغير لفظه. انظر شرح علل الترمذي (٢/ ٦٠٧). فإن قيل: قال الحافظ في التهذيب (١٢/ ١٩٧): «حسن الترمذي بعض أحاديثه وصحح بعضها». قلت: لم يصحح له إلا حديثًا واحدًا رواه في سننه (٣٢٥٣) من طريق حجاج بن دينار، عن أبي غالب، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله ﷺ: ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل، ثم تلا رسول الله ﷺ هذه الآية: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ [الزخرف: ٥٨]:، وقال: هذا حديث حسن صحيح إنما نعرفه من حديث حجاج بن دينار وحجاج ثقة مقارب الحديث. اه قلت ربما حكم بصحته باعتبار أن الأحاديث في ذم الجدل كثيرة، وقد حكي اتفاق علماء السلف من أهل السنة على النهي عن الجدل، انظر ترتيب العلوم للمرعشي (ص: ١٠٩). فلكثرة من ضعف أبا غالب، ولأن الذي وثقه هو الدارقطني، وقد اختلف قوله فيه، وقوله الموافق للأئمة أولى، وأقله أن يطرح قولا الدارقطني؛ لأن قوليه قد تعارضا، وقول ابن معين: صالح الحديث لا يقدم على قول جماعة من أهل الجرح، وفيهم من فسر جرحه، فمعهم زيادة علم، فالذي يظهر لي أن القول بضعفه أقوى، لكن حديثه صالح للاعتبار مع حديث ابن عباس المتقدم. قال النووي في خلاصة الأحكام (٢٤٥٨): رواه الترمذي، وقال حسن. وضعفه البيهقي، والأرجح هنا قول الترمذي. اه بل الأرجح أنه لا فرق بين تحسين الترمذي وتضعيف البيهقي، فدلالتهما واحدة كما تقدم لك تفسير كلام الترمذي.