ومنها قوله: (لا أرى في حديثه إنكارًا) أن ما يرويه من المتون مستقيمة، لا نكارة فيها، وهذه ترفع من شأن الراوي لو كان مجهولًا فكيف إذا كان معروفًا. ومنها قوله: (أحاديث غرائب)، يقصد أنه يتفرد بها عنه، والغريب لا ينافي الصحة ولا يدل على الضعف، وقد شهد أن هذه الأحاديث غرائب لا نكارة فيها، وهو معروف بالرواية عن عبيدة، فأكثر من نصف أحاديث عبيدة قد رواها عنه يحيى بن عبد الرحمن. وفي سؤالات البرذعي لأبي زرعة الرازي (٢/ ٣٨٢): «قلت: عبيدة بن الأسود؟ قال: ثقة. قلت: يروي تلك الأحاديث، وذكرت حديث مجاهد، عن ابن عمر وغيره، فقال: هذا عيسى فمن دونه؟ قلت: مِنْ يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي؟ قال: لا يبعد». فأبو زرعة يرى أن الغرائب في حديث عبيدة بن الأسود أنها من قبل عيسى بن سنان، ولا يبعد أن تكون من قبل يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي، وينفي أن تكون العهدة فيها من قبل عبيدة بن الأسود. وقال ابن نمير كما في الجرح والتعديل (٩/ ١٦٧): «يحيى بن عبد الرحمن الذي يحدث عن عبيدة بن الأسود لم يكن صاحب حديث، لا بأس به، هو أصلح من الذي يحدث عنه يعني عبيدة». فجعله ابن نمير أصلح من شيخه عبيدة. وقال الدارقطني كما في سؤالات البرقاني، ت القشقري (٥٣٢): كوفي صالح، يعتبر به. وعبيدة بن الأسود، وثقه أبو زرعة كما سبق. وقال أبو حاتم في الجرح والتعديل (٦/ ٩٤): ما بحديثه بأس. وذكره ابن حبان في الثقات (٨/ ٤٣٧)، وقال: يعتبر حديثه إذا روى (و) بين السماع في روايته، وكان فوقه ودونه ثقات. قلت: جل رواياته عن شيخه القاسم بن الوليد، فلا تضر عنعنته، وإن كانت العنعنة ليست علة على الصحيح؛ لأن الصيغ يتصرف فيها الرواة فرب حديث رواه المدلس بالتصريح بالسماع رواه عنه من دونه بالعنعنة. والقاسم بن الوليد، وثقه ابن معين كما في الجرح والتعديل (٧/ ١٢٣)، وابن سعد في الطبقات الكبرى (٦/ ٣٥٠)، والعجلي كما في ثقاته، ت البستوي (١٥٠٤)، وابن حبان في الثقات (٧/ ٣٣٨)، وقال: يخطئ ويخالف، ووثقه الذهبي. وفي التقريب: صدوق يغرب. ولعل الحافظ تبع ابن حبان في قوله يخطئ ويخالف، ولم يقل ذلك أحد غيره. والمنهال بن عمرو وسعيد بن جبير ثقتان مشهوران من رجال الصحيح. والحديث قد صححه ابن حبان بإخراجه في صحيحه، وخرجه المقدسي في الأحاديث المختارة، فهو يراه صحيحًا. =