للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

جلوسًا خلف الإمام إذا صلى جالسًا- رواها عن المصطفى أنس بن مالك، وعائشة وأبو هريرة، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبو أمامة الباهلي، وهو قول أسيد بن حضير، وقيس بن قهد، وجابر بن عبد الله، وأبي هريرة، وبه قال جابر بن زيد، والأوزاعي، ومالك بن أنس، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، وأبو أيوب سليمان بن داود الهاشمي، وأبو خيثمة، وابن أبي شيبة، ومحمد بن إسماعيل ومن تبعهم من أصحاب الحديث: مثل محمد بن نصر، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة» (١).

والشروع فيها قائمًا ليس بأقوى من كون القيام واجبًا لذاته، وقد سقط لمتابعة الإمام.

وإذا صلى الإمام جالسًا فابتدأ المأموم معه الجلوس، ثم ارتفع العذر أثناء الصلاة وجب على الإمام والمأموم القيام، ولم يراع الابتداء، وإذا لم ينظر إلى الابتداء في ارتفاع العذر، لم يكن الابتداء هو مناط وجوب الجلوس والقيام.

الوجه الثاني من وجوه الجمع:

دل حديث عائشة على أن القيام خلف الإمام القاعد جائز، والجلوس أفضل.

لأن القاعدة الشرعية تقول: إن النبي إذا أمر بأمر، ثم خالفه دل على أن الأمر ليس للوجوب، كما أنه إذا نهى عن شيء ثم فعله كان ذلك دليلًا على أن النهي للكراهة، ما لم يقم دليل على الخصوصية، ولا دليل على الخصوصية.

وهذا الجمع أقرب من الجمع الأول؛ لاطِّراده في أحكام الشريعة، ولوجود نظائر له كثيرة بخلاف الجمع الأول، وكون الجلوس للمأموم مستحبًا، ويجوز له القيام هو المشهور من مذهب الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه.

الوجه الثالث من وجوه الجمع:

قال ابن رجب: «ظهر لي وجه ثالث في الجمع بين هذه الأحاديث، وهو متجه


(١) صحيح ابن حبان (٥/ ٤٦٣ - ٤٦٤)، وما نسبه ابن حبان إلى الإمام مالك بن أنس، هو رواية على خلاف المشهور من مذهبه، والمنصوص في المدونة.
وما ذكره عن الإمام أحمد أيضًا هو رواية، وللإمام أحمد رواية أخرى توافق الحنفية والشافعية، وله رواية أخرى بالتفصيل بين افتتاح الصلاة قائمًا، وبين طروء العجز أثناء الصلاة، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>