للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

على قول الإمام أحمد: أن النبي كان إمامًا لأبي بكر، وكان أبو بكر إمامًا للناس، فكانت تلك الصلاة بإمامين.

وحينئذ فيقال: لما اجتمع في هذه الصلاة إمامان، أحدهما جالس، والآخر قائم، صلى المأمومون خلفهما قيامًا اتباعًا لإمامهم القائم؛ فإن الأصل القيام، وقد اجتمع موجب للقيام عليهم، وموجب للقعود أو مبيح له، فغلب جانب القيام؛ لأنه الأصل، كما إذا اجتمع في حل الصيد أو الأكل مبيح وحاضر، فإنه يغلب الحضر» (١).

ويناقش:

المبلغ لا يكون إمامًا؛ لأنه تابع، وموافقته في أفعال الصلاة لا تكره، بل ولا مسابقته إذا لم يسبق إمام المبلغ، فهو ليس إمامًا، بل علامة عليه، يأخذ حكم مكبر الصوت الذي يبلغ عن الإمام، وفي أحد الوجهين عند المالكية يرون صحة التبليغ من المرأة والكافر، ومن خارج الصلاة، والله أعلم.

الراجح:

إذا صح أن النبي هو الإمام في مرض موته، فيحمل على أن قيام الصحابة رضوان الله عليهم دليل على الجواز، ويكون الأمر لهم بالجلوس خلف الإمام على وجه الاستحباب.

وحتى إذا لم تثبت إمامة النبي في مرض موته فإن جلوس المأموم خلف الإمام لا يكون واجبًا؛ لأن النبي قد أقر أصحابه في مرضه القديم على الصلاة خلفه قيامًا، ثم أمرهم بالجلوس خلفه، فيحمل أمره لهم بالجلوس على وجه الندب، والله أعلم.

والقول بأن الأمر بالجلوس على الندب، يؤيده نصوص وقواعد، أما النصوص فحديث أنس وحديث جابر في مرض النبي القديم حيث أقر أصحابه على الصلاة خلفه قيامًا.

وأما القواعد، فهو ما ذكرته سابقًا: من أن النبي إذا أمر بأمر وخالفه كان


(١) فتح الباري (٦/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>