وأما الحكم بكفره، من جهة ترتب أثار ذلك عليه، من وجوب قتله، وتنزيل أحكام المرتد عليه، وقطع التوارث، فهذا يحتاج إلى حاكم يقضي به، وليس لآحاد الناس؛ لأن الأحكام المترتبة عليه شأنها عظيم يتعلق بالدماء والأموال والأعراض.
* والراجح:
أن ترك الصلاة كفر، ولا يتوقف هذا على دعوة حاكم أو نائبه.
كما قال ﷺ -في حديث زيد بن خالد الجهني المتفق عليه:
أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب (١).
فقوله: أصبح مؤمنًا وأصبح كافرًا: أنه يكفر، ولم يعلق كفره على دعوة إمام أو نائبه، ولا على استتابة أو غيرها.
ولكن هذا القول إنما هو حكم على الفعل، لا على الفاعل، وهناك فرق بين حكمنا على الفعل بأنه كفر، وبين حكمنا على الفاعل بأنه كافر.
فترك الصلاة من حيث هو فعل كفر، فيصح أن يقال: ترك الصلاة كفر.
وأما تطبيق أحكام الردة على فاعل معين، من وجوب قتله، وتطليق زوجه، وغيرها من الأحكام، فهذا يحتاج إلى تفصيل:
فإن كان ذلك قبل أن تقام الحجة على تارك الصلاة فهو مسلم ظاهرًا وباطنًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥].
فإذا قامت عليه الحجة، سواء أكان عن طريق عالم يكشف له جرمه.
أم كان المجتمع إسلاميًّا، يختار علماؤه تكفير تارك الصلاة، واستفاض هذا العلم بين الناس حتى لا يتصور الجهل بمثل هذا الحكم.
فإذا قامت عليه الحجة، أيكفر ظاهرًا وباطنًا بمجرد إقامة الحجة، أم يكون مسلمًا في الظاهر، وكافرًا فيما بينه وبين ربه، فإن مات على حاله لقي ربه كافرًا، وإن عاش بين المسلمين عومل معاملة المسلم، وجرت عليه أحكام الإسلام الظاهرة،
(١) صحيح البخاري (١٠٣٨)، صحيح مسلم (١٢٥ - ٧١).