للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

من التوارث وعدم تطليق زوجه منه، ودفنه في مقابر المسلمين ونحو ذلك، كما يعامل المنافق في الدنيا حتى يحكم حاكم شرعي بردته؟

احتمالان:

أقواهما عندي أنه مسلم ظاهرًا كافر في الباطن، وبه نعرف الجواب عن قول ابن قدامة: «لا نعلم في عصر من الأعصار أحدًا من تاركي الصلاة ترك تغسيله، والصلاة عليه، ودفنه في مقابر المسلمين، ولا منع ورثته ميراثه، ولا منع هو ميراث مورثه، ولا فُرِّق بين زوجين لترك الصلاة من أحدهما؛ مع كثرة تاركي الصلاة، ولو كان كافرًا لثبتت هذه الأحكام كلها» (١).

فهذا الإجماع العملي المانع منه والله أعلم أنه لم يحكم بكفره حاكم شرعي، وجريان أحكام الإسلام الظاهرة لا تمنع أن يكون كافرًا في الباطن، كالمنافق فإنه تجري عليه أحكام الإسلام الظاهرة، وإن كان يلقى ربه كافرًا.

ولأن إهدار الدم، وإباحة المال، والتفريق بين الزوجين، والمنع من الدفن في مقابر المسلمين ليست لآحاد الناس.

فمن ارتكب مكفرًا لم تجرِ عليه أحكام المرتد، حتى يحكم بذلك حاكم شرعي، يتحقق من توفر الشروط، وانتفاء الموانع، ويكون لحكمه صفة الإلزام.

وبهذا نعرف لماذا كان الصحابة حين مات بعض المنافقين ممن لا يشكون في نفاقه وبعضهم نزل القرآن بنفاقه -كَابْنِ أُبَيٍّ وأمثاله- لما مات هؤلاء ورثهم ورثتهم المسلمون، ولم يُمْنَعُوا ميراثهم (٢).

فإذا قامت على تارك الصلاة الحجة، ودعاه حاكم أو نائبه إلى فعلها، والتوبة من تركها، فإن امتنع حكم بقتله، وكان حكم قتله إما لردته إن كان الحاكم يراه كافرًا، وإما لامتناعه إن كان يراه مسلمًا، ولا يحكم بالقتل إلا حاكم شرعي، هذا ما ظهر لي، والله أعلم.


(١) المغني (٢/ ٣٣٢).
(٢) مجموع الفتاوى (٧/ ٦١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>