بالإجماع، حكاه ابن عبد البر، وأما المأموم فقد قال النبي ﷺ في حقه تشريعًا آخر:(إنما جعل الإمام ليؤتم به … فإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون)، فخرج المأموم من حديث عمران بن حصين.
وكون قيام المأموم هو مقتضى القياس، فأَنْعِم بالقياس فيما لم يرد فيه نص، فإذا ورد النص بطل النظر، ولا يقدم الرأي على النص، فلا يصح قياس المأموم على الإمام والمنفرد، فالذي أوجب القيام على المصلي هو الذي أسقط عنه القيام إذا صلى خلف الإمام الجالس.
المسلك الثالث: مسلك الجمع بين هذه الأحاديث:
الأصل في الأحاديث التي ظاهرها التعارض أن يجمع بينها بلا تكلف، فإذا أمكن الجمع وجب المصير إليه قبل الذهاب إلى القول بالترجيح أو بالنسخ؛ لأن الجمع فيه إعمال لكلا الدليلين، بخلاف الترجيح والنسخ، فإنه يهدر أحد الدليلين على حساب الدليل الآخر، وهذا هو ما اختاره جماعة من أهل العلم على رأسهم الإمام أحمد.
وقد سبق ذكر بعض وجوه الجمع أثناء مناقشة القائلين بالترجيح، ولا مانع من إعادة ما سبق وبيان الراجح منها فيما ظهر لي.
وقد ذكر العلماء ثلاثة وجوه من الجمع، منها:
الوجه الأول: التفريق بين ابتداء الصلاة قاعدًا وبين طروء العجز على الإمام في أثناء الصلاة، فكان انتقال الإمامة إلى النبي ﷺ في أثناء الصلاة، وهو عاجز عن القيام بمثابة طروء العجز على الإمام في أثناء الصلاة.
فإذا افتتح الإمام بهم الصلاة قاعدًا كان عليهم القعود بقعوده، وعليه تُحْمل أحاديث صلاة النبي ﷺ بأصحابه في مرضه القديم في بيته.
وإذا افتتح الإمام بهم الصلاة قائمًا، فطرأ عجز على الإمام أثناء الصلاة، وجب على من خلفه أن يتم الصلاة قائمًا، ومثله لو تقدم إمام غير الإمام الذي