للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ورد هذا:

سلمنا أن اللحن ليس بمنزلة الكلام الأجنبي في الصلاة ولكنه يحل محل ترك القراءة.

وأجيب:

لا نسلم أنه بمنزلة ترك فرض القراءة، فاللحن يسير جدًّا بالنسبة للفرض كله، والكلمة التي وقع اللحن فيها قد أتى بها إلا أنه غير من حركتها الإعرابية جهلًا، وهذا لا يعد تركًا للفرض كله، ولو كان اللحن بالكلمة بمنزلة ترك فرض القراءة كلها -وهذا بعيد- فهو معذور، ولهذا صحت صلاته لنفسه، ومن صحت صلاته لنفسه صحت صلاته لغيره إلا بدليل.

دليل من فرق بين لحن يغير المعنى وما لا يغيره:

أصحاب هذا القول رأوا أن تغير المعنى يخرج الكلمة الذي وقع فيها اللحن عن كونها قرآنًا. لأن الإعراب نقلها من معنى إلى معنى، وإذا اختلف المعنى صارت الكلمة أجنبية في الصلاة بخلاف اللحن الذي لا يغير المعنى فإنه لا يبطل الصلاة؛ لأنه قد أتى بالمعنى المقصود بلفظه، وإن أساء في العبارة بلحنه، فلم يكن سوء عبارته مع استيفاء اللفظ والمعنى مؤثرًا في صلاته.

واعترض:

بأن اللحن لو كان يراعى فيه المعنى لجازت إمامة من قال (تفضلت عليهم)، مكان (أنعمت عليهم) فإن إمامته لا تصح، وإن كان قد أتى بالمعنى.

ورد هذا:

بأن هذا ليس من اللحن، بل من الاستبدال، وكلامنا في اللحن في الأعراب، وليس في استبدال كلمة مكان أخرى، فإن هذا لا يجوز في ألفاظ التعبد حتى في غير القرآن كما لو استبدل تكبيرة الأحرام بالله الأعظم فإن صلاته لا تنعقد على الصحيح فما بالك بكلام الله تعالى المتعبد بلفظه.

دليل من فرق بين اللحن في الفاتحة وبين غيرها:

قال النبي في حديث عبادة: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، متفق عليه.

فقراءة أم القرآن فرض في الصلاة، لا تصح الصلاة إلا بها، والإِمام يتحمل القراءة عن المأموم، فإذا قرأ الفاتحة ملحونة لم يصح تحمله إلا لمن كان مثله؛ لاستوائهما في

<<  <  ج: ص:  >  >>